الاثنين، 31 ديسمبر 2012

كشف حقيقة مؤسس حركة حسم عبدالله الحامد ووصفه دولة النبي والخلفاء الراشدين بعدم ترسيخ قيم المجتمع المدني وغير ذلك من الطعن بالصحابة


                  بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
إن أمتنا الإسلامية ودولتنا السعودية تتعرض لمؤامرات تهدف للنيل من العقيدة الإسلامية وتحكيم الشريعة الإسلامية .
وقد تقنع بعض دعاة الباطل من المتآمرين بقناع التقية ودعاوى الإصلاح السياسي والاجتماعي وحقوق الإنسان والحكم الدستوري والشوري والدعوة لقيام المجتمع المدني لكي يتمكنوا أو يمكن لهم لنفث سموم الإلحاد من علمانية وليبرالية ورفض وزندقة بين أبناء المسلمين.
فيدعون للديمقراطية والليبرالية السياسية والحرية الفكرية لفتح المجال لكل ملحد ومفسد لعقائد المسلمين وعباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم وسلوكهم وسياساتهم..الخ
ولكي لا يغتر المسلمون ببعض من يحمل شعارات الإصلاح أردت بهذه الأوراق كشف رأس من رؤوس الفتنة وداعية من دعاة الضلال  مكتفيا بالنقل من كتاب واحد من كتبه لكي يحذره من هو مغتر به وبمن يحمل فكره من مجموعته، ومن كان من مجموعته وحزبه ممن لا يشاركه  في باطله وضلاله فليعلن براءته منه .
وداعية الفتنة والضلال هو: عبدالله الحامد عضو مؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية ( حسم ) ومن دعاة الملكية الدستورية.
واسم الكتاب:- ( هل نكف علم السياسة عن ما شجر بين الصحابة ؟
لمصلحة الحكم الشوري أم الملك العضوض؟ )
والكتاب موجود في مدونة عبدالله الحامد وله رابط للتحميل والتنزيل
وقد قسمت هذه الورقات التي تناولت بها الكتاب بشكل مختصر لثمانية أقسام  وهي كما يلي:-

القسم الأول:- مقولات عبدالله الحامد الباطلة في الرسول صلى الله عليه وسلم
المقولة الأولى:-
يقول عبدالله الحامد :-
( والرسول صلى الله عليه وسلم، كان يخطئ في شؤون الدعوة والدولة، وشؤونه الخاصة والعامة، ولكن القرآن يصحح، ويأمره بالشورى لمعرفة المكان المناسب لنزول الجيش، والزمان المناسب للحرب، فلم يبق شيء من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، قابلاً للأخذ والرد، بعد ما أتمّ الله به الدِّين، وأنزل الآيات التي تقر أوتصحح.) ص 27

المقولة الثانية:- تفريق الحامد بين ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بصفته نبيا وما يفعله بصفته حاكما سياسيا أو قاضيا فيقول:-
( لِمَ حار فقهاء السياسة العباسيون في مسألة الشورى، وظلوا يتجادلون أربعة عشر قرنا في البديهيات؟(هل الشورى ملزمة أم معلمة؟) إنها حيرة ذات بعد معرفي، فالتبس عليهم، ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بصفته نبياً، وما فعله الرسول بصفته حاكماً سياسياً أو قاضياً؟) ص11
قال أبو عبدالله: وأحكام النبي صلى الله عليه وسلم في السياسة والقضاء مما بعث الله نبيه بها ومن سنته المأمورين بالتحاكم لها وكتب الحديث والفقه قد جعل العلماء فيها لهذه الأحاديث أبوابا في أحكام الطلاق والخلع والجنايات والحدود.الخ وكذلك مايتعلق بالصلح والهدنة والحرب والسلم.

 المقولة الثالثة: يقول عبدالله الحامد   :- (ولم يكن العرب في فهم العقد الاجتماعي هذا على حد سواء، بل كان أكثرهم لا يدرك معنى الحكومة المدنية، وكانت الصحراء هي مصنع الإخلال بالقيم المدنية.
 ولذلك جاءت الأحاديث النبوية: ذوات مستويين:
أولهما: نصوص معيارية مطلقة ترسم  العقيدة السياسية ، تأمر بأَطر الظالم على الحق أَطراً، وتوجب على أهل الحسب العربي والنسب، طاعة حبشي كان رأسه زبيبة(مادام منتخبا من الناس).
ثانيهما نصوص مقيدة بالحالة الانتقالية، حالة الثقافة السياسية الفجة، وقيم المجتمع المدني الهشة، فتركّز على التحذير من الفرقة والتبدي، وتأمر بطاعة السلطان، وتعظّم من حقوق الدولة، وتحذّر من الخروج إلا في حالة الكفر البواح (وهو كفر مجازي ليس كفر إلحاد/بل كفر استبداد، معناه الانتهاك الفظيع للحقوق المدنية).
 ومن ذلك الأحاديث التي تحدّد الإمارة في قريش، وهي أحاديث أخرجها من سياقها المرحلي، من لم يفحص نصوص القيم المدنية في الإسلام، ليفرز ما هو نسبي يعالج وضعاً مرحلياً، من ما هو معياري، يؤسس قواعد العقيدة السياسية النموذجية.) ص68

قال أبوعبدالله:- فتبين أن عبدالله الحامد يجعل القسم الثاني من النصوص الشرعية  التي تحذر من الفرقة وتأمر بالطاعة للسلطان  وتعظم من حقوق الدولة وتحذر من الخروج  أنها نصوص ذات أحكام مرحلية قالها النبي صلى الله عليه وسلم كمرحلة انتقالية تتناسب مع ماكان يتصف به مجتمع الصحابة من ثقافة سياسية فجة وقيم مجتمعية مدنية هشة وجعل من ذلك الأحاديث التي تحدّد الإمارة في قريش فهي أحاديث أتت في سياقها المرحلي لتعالج وضعا مرحليا يجب عدم تعميمه.
وهذا التعامل مع أحكام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ضلال عبدالله الحامد وجهله. فالأحكام التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم ومافيها من تعظيم لحقوق الدولة أول تطبيق لها من الصحابة كان في دولة النبي صلى الله عليه وسلم ومع رسول كريم يحكمهم ثم مع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم من بعده هذا أولا. وثانيا: أنها أحكام عامة تشمل كل حاكم من حكام المسلمين مع تقييد الطاعة في غير معصية كما ورد في الأحاديث الصحاح وعلى هذا سار الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام من المحدثين والفقهاء والمفسرين قديما وحديثا وعقدت لذلك أبوابا في كتب عقائد أهل السنة والفقه والحديث.
ولكن عبدالله الحامد وصل به الغرور والعجب والضلال إلى تنصيب نفسه مخصصا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وما ذلك إلا لأنه مفتون بكتب الغرب في السياسة وعلم الإجتماع السياسي وبكتّاب من أمثال لوك وروسو وهيجل وما أنتجته الثورة الفرنسية بزعمهم من مبادئ وقيم الدولة المدنية الحديثة.
ولعل جهل الرجل يبدو جليا كذلك بجعله العبد الحبشي المتغلب لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( وإن تأمّر عليكم عبد حبشي ) والذي فقد شرط من شروط الإمامة  وهو الحرية بأنه منتخب من الناس!!.
وكذلك تفسيره للكفر البواح بأنه كفر مجازي ليس بكفر إلحاد بل كفر استبداد معناه الإنتهاك الفظيع للحقوق المدنية!! مما يدل على حالة التخبط والهذيان التي يعيشها الرجل.

المقولة الرابعة :- يقرر الحامد بأن الفترة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده لم تكن كافية لترسيخ الحكم الشوري وما يتكون منه من ثقافة سياسية وقيم المجتمع المدني. فيقول:-
(ولكن فترة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، لم تكن كافية لترسيخ ثنائية الحكم الشوري: الثقافة السياسية الناضجة وقيم المجتمع المدني، ولإنتاج الآليات والأطر كالجمعيات والروابط وأهل الحل والعقد، لأن إنتاج الآليات ليس نسقاً فوقياً يشبه الهبوط المظلي من السماء، بل هو نتيجة اختمار الفكر السياسي ونضوجه في الحقل الاجتماعي، وهذا الفكر لم يختمر عند النخبة من الصحابة، بصورة تمنع الاختلاف والتصارع والتقاتل. فما دام لم يتحول إلى قيم تحكم تصرفات النخبة من الخواص، فكيف يتحول إلى قيم تحكم التصرف الشعبي العام؟.) ص34

المقولة الخامسة:- بعدما قرر الحامد في المقولة الرابعة عدم ترسيخ النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون للثقافة السياسية وقيم المجتمع المدني يبين أن ماحصل من صراعات بين الصحابة رضي الله عنهم كان نتيجة لذلك. فيطعن بالصحابة كما طعن بالنبي صلى الله عليه وسلم ورسالته وخلفائه فيقول:-(من المهم أن نتصور أن صراعات المسلمين الأولين ناتجة عن السببين الاثنين: فجاجة الثقافة السياسية، وهشاشة قيم المجتمع المدني.
هذا وذاك  هو الذي جرّهم إلى الاختلاف في بديهيات وأوليات الحياة المدنية، التي أجملها الكتاب والسنَّة القولية، ولم تكن للعرب خلفية مدنية، يستطيعون بها تفصيل ما أجمل.
الصحابة لم يختلفوا اختلافاً ذا بال، في الشعائر الروحية الخاصة، لا في الأمور الصغيرة ولا في الكبيرة، بدءاً من آداب قضاء الحاجة والوضوء، ونهاية بأركان الصلاة والصيام.
 ولكنهم اختلفوا في أركان عظمى من أركان الإسلام السياسية، وكل صراعات الحركات والطوائف الفكرية، وماثار فيها من صراع سياسي دموي.انطلقت من هشاشة الأعراف المدنية، وفجاجة الأعراف السياسية(في الثقافة المجتمعية) ) .ص38


المقولة الخامسة:- وينطلق الحامد لأكثر وأكبر من ذلك للطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم ودولة الإسلام التي أقامها بأن مفهوم الدولة كان هشا بأصوله السياسية حسب تعبيره بل ولم ينتج آليات كافية لمواجهة ماجدّ من التحديات. فيقول الحامد من الباطل مانصه:-
(وفي صدر الإسلام كان مفهوم الدولة، بصفتها ضامنة للحقوق، تفصل بين المنازعات، لازال هشا،أصول السياسة، ذكر الإسلام بمبادئها، وطبّق الرسول صلى الله عليه وسلم ما يمكن منها، في مجتمع بسيط صغير، لم تتكاثر منه القرى والمدائن والأقاليم، ولم تتكاثر الأجناس واللغات والأديان.
وكان الوعي بمفهوم الدولة،الذي نشره الإسلام، محصوراً في السابقين من الصحابة في الجملة، فلم يتوسع ليصبح تياراً شعبياً ثقافياً، يحكم التصورات، فضلاً عن أن يصبح أعرافاً اجتماعية تضبط التصرفات.
بل يمكن أن نقول أكثر من ذلك: إنه لم ينتج آليات كافية لمواجهة ما جدّ من التحديات، والإصلاح لا يمكن أن يحصل باعتقاد وجوب حصوله، بل لن يتم إلا برسوخ الثقافة المدنية، في الشرائح الاجتماعية.) ص63

المقولة السادسة:- ويؤكد عبدالله الحامد طعونه بالإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم ومجتمع الصحابة من السابقين من المهاجرين والأنصار ومن بعدهم بعدم كفاية تجربة المجتمع المدني لترسيخ القيم المدنية والسياسية ولذلك لم يكن عند مجتمع الصحابة ثقافة سياسية ولا ثقافة مجتمع مدني راسخة يحلّون الأمور على ضوئهما كما حصل مع الخوارج في عهد عثمان رضي الله تعالى عنه فيقول مانصه:- (لم تكن لدى العرب ثقافة مجتمع مدني،كالتعددية والحوار وتداول السلطة وحصر حل الخلاف السياسي والاجتماعي بالوسائل السلمية، قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام لم تكن تجربة المجتمع المدني الوليد كافية، لترسيخ القيم المدنية والسياسية، في المحيط الاجتماعي العام.
ولذلك لم يجد عثمان ولا الصحابة السابقون أسلوباً عملياً، يعالجون به فوضوية الذين تركوا الجهاد، وجاءوا ليصلحوا الخليفة بالسلاح، هؤلاء (المجاهدون) في التخوم استعادوا القيم البدوية وشيكاً، وأحلوها مكان القيم المدنية، فلم يجدوا في ثقافتهم (الجاهلية) أسلوبا لإصلاح الخليفة إلا السلاح،فالسلاح هو الحل، في الداخل كما هو في الخارج.
تلك المفارقة الدرامية التي تعجب منها حسان بن ثابت:
أتركتمو غزو الدروب وجئتمـو
لقتـال قوم عنـد قبـر محمـد؟
لأن السابقين من المهاجرين والأنصار، أمام نازلة ليس لها سابقة في تجاربهم، ولم يكن لهم ثقافة سياسية سابقة، ولا ثقافة مجتمع مدني راسخة، يحلون الأمور على ضوئهما، ولا تجمعات مجتمع مدني، تكبح من خرج على طبيعة البيعة أو وظيفتها.) ص 59-60

المقولة السابعة:- وتتوالى طعون الحامد حيث أن البيئة التي أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم كانت تربة خصبة فقط لنشوء دين ولكنها تربة جديبة لإنشاء دولة شورية لعدم توفر عوامل قيام الدولة الشورية بزعمه من نضج في الثقافة السياسية ووجود مجتمع مدني ذو أعراف راسخة وظهر ذلك جليّا بفعل عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم في موقعة الجمل بحسب هذيان الحامد فيقول مانصه:-
(وهذه البيئة الأمية الصحراوية، بقدر ما كانت تربة خصبة لنشوء دين، فقد كانت تربة جديبة، لإنشاء دولة شورية، لأن الدولة الشورية لا تقوم إلا على عاملين:
الأول: ثقافة سياسية ناضجة(وقد دل تصرف أصحاب الجمل(عائشة وطلحة والزبير) رضي الله عنهم، على هشاشتها.
الثاني: مجتمع مدني، ذو أعراف راسخة، من التسامح والإيثار والتعددية، والاحتكام إلى إلى الصراع السلمي(أسلوبا وحيدا لحل أي خلاف سياسي أو اجتماعي). ص67

قال أبوعبدالله :- فعبدالله الحامد يفصل بين ما يصلح لقيام الدين وما يصلح لقيام الدولة ويُردّ عليه  بأن الدين الإسلامي هو من قام بقيام الدولة الإسلامية لما تضمنته الرسالة من نصوص القرآن والسنة المبينة للأحكام سواء ماتعلق بالفرد أوالأسرة أوالمجتمع في عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم و قضائهم وفي حربهم وسلمهم وسياساتهم ؛فمامن شيء من أمور الدين أو الدنيا إلا وقد تمّ بيانه في الكتاب والسنة قال الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، وقال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) ، وقال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، وقال تعالى (إن الحكم إلا لله)، وقال تعالى(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) وقال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وقال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين  عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) رواه الإمام أحمد وأبوداود والترمذي، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (  لقد تركتكم على  مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ  بعدي عنها إلا هالك). رواه ابن أبي عاصم في السنة وغير ذلك من النصوص في الكتاب والسنة التي تأمر بالتحاكم للكتاب والسنة في أمور الدين والدنيا .
وأقام النبي صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام وأقام المجتمع الإسلامي وكانت أحكام الكتاب والسنة شاملة وكاملة وكافية لدين المسلمين ودولتهم. وشملت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة كل مافيه خير وسعادة وقوة ونصرللمسلمين في الدنيا والآخرة.
والواجب على المسلمين من علماء وحكام وشعوب التمسك بتعاليم الإسلام التي شملت كل الخير لهم سواء على مستوى الفرد أوالأسرة أو المجتمع والدولة والأمة والدعوة لذلك والدفاع عن ذلك.
وأما مايقوم به بعض المهزومين من ضعاف الإيمان أوممن وصلوا لمرحلة الإلحاد بسعيهم الحثيث في نشر النظم  السياسية والإجتماعية والإقتصادية ومايسمى بقيم المجتمع المدني الناتج عن الدولة المدنية اللادينية التي قامت بعد الثورة الفرنسية وماتضمنته من علمانية فأمر مرفوض من قبل المسلمين ويجب على المسلمين حكاما ومحكومين التصدي له ودفعه عن بلاد المسلمين وعدم التمكين له .

قال أبوعبدالله :- ومما يضع النقاط على الحروف ويكشف لنا منشأ هذا التيار وأصوله التي يستمد منها باطله ما أثبته داعية ومنظر وفيلسوف هذا التيار عبدالله الحامد من أنّ مايجده المتابع لفترة الخلافة الراشدة من ومضة (أي قليلة) من نضوج ثقافة سياسية ومجتمع مدني سرعان ماتمّ إطفاؤها من قبل حدثاء الإسلام من العرب، كانت هذه الومضة نموذجا ديمقراطيا تذكر بما حققه اليونان في عهد بركليس، والرومان في العهد الجمهوري. فيقول الحامد:-( فترة الخلافة الراشدة، كانت ومضة نضوج ثقافة سياسية ومجتمع مدني، يستمدّان قوتهما من الانتماء الديني، كانت نموذجاً ديمقراطياً، يذكر بما حققه اليونان في عهد بركليس، والرومان في العهد الجمهوري، ولكنه كان شيئاً فريداً جديداً على العرب، فحاصرته الأعراف الأسرية القبلية، حصاراً شديداً حتى قتلته.
كثرة حدثاء الإسلام من العرب، ثم من العجم، أطفأت شعلة هذه الومضة الديمقراطية الجديدة الفريدة، فعاد الناس إلى ما استقر في أغوار أذهانهم، من النظام القيصري والكسروي، وكان أهون عليهم من فوضوية الصحراء.) ص 78
ومايؤكد ذلك نفي الحامد ترسخ قيم المجتمع المدني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده كما نقلناه عنه في المقولة الثالثة. ويثبت قمة النضوج المدني لأمريكا وإنجلترا . فيقول عبدالله الحامد في ذلك:-
( لم يكن لدى عامة المسلمين أعراف مجتمع مدني سابقة، متجذرة في الثقافة المجتمعية، فالإسلام لم ينزل في بلد كأمريكا أو إنجلترا اليوم، من الأمم التي بلغت قمة النضج المدني، بعد عشرات من السنين، حافلة بجهود الإصلاح المدني،(للمزيد انظر ثلاثية المجتمع المدني/ سر تفوق العرب وتأخر العرب/دار العلوم العربية/بيروت 1425هـ)، ولم يكن في الإسلام نصوص مدنية صريحة محددة، يستطيع الخاصة بها إقناع العامة.) ص59
فعبدالله الحامد ينفي وجود نصوص مدنية صريحة محددة في الإسلام ويثبت وجود قمة النضوج المدني على يد دعاة الإصلاح المدني في أمريكا وإنجلترا وفي المقابل يثبت ضعف المجتمع المدني والأعراف السياسية عند الصحابة رضي الله عنهم. فيقول الحامد في ذلك :-( على أن فكرة عزل الخليفة(إن صح أن أبا موسى نادى بها) تدل علي جهل كبير في الدين، وبالأعراف السياسية أيضاً، ولأن توكل قضية كالخلافة لشخصين (اثنين فقط) خطأ ثالث آخر.
قد لا يكون أبو موسى الأشعري في ذلك الموقف ذا دهاء سياسي، ولكن هذا إن صح لا يغير من المحصلة النهائية شيئاً، لأن هذا ليس جوهر القضية، فجوهر القضية هو ضعف الأعراف السياسية،وضعف المجتمع المدني).ص 32
ولذلك نجد أنّ داعية هذا التيار الإلحادي يجعل من علم الإجتماع السياسي الذي وضعه الغرب أصلا يجب أن تتحاكم النصوص الشرعية من الكتاب والسنة إليه فيقول:- (من المواقف التي كشفت حجم ضعف هشاشة تكتلات المجتمع المدنية، موقف التحاكم إلى القرآن الكريم، بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، من خلال ممثليهما عمرو بن العاص وأبي موسى رضي الله عنهما، فلم يستطع أحد الحكمين إقناع الآخر بنص من القرآن أو السنَّة صريح صحيح، يبين فيه أن صاحبه أَولى من الآخر، لأن الشريعة في أدلتها القولية لم تنصص على أن علياً خليفة منتخب، ولكن علوم الاجتماع السياسي دلت على ذلك، ولأن الناس يقرأون القرآن  دون من دون خلفية معرفية في علم الاجتماع السياسي أمكن أن يتصوروا القرآن حمال أوجه!) ص 32
ولمزيد من التأصيل لعلم الإجتماع السياسي في مقابل نصوص الشريعة الإسلامية من القرآن والسنة يقول عبدالله الحامد:- (، فنصوص الشريعة غير الصريحة تفهم في ضوء الصريحة، والنصوص التفصيلية تفهم في إطار الكلية، والنصوص غير الصريحة لا يكون فهمها بضرب الحقائق المقرّرة في علم الاجتماع السياسي أو علم السياسة.) ص 13
ويؤكد عبدالله الحامد بمالامجال للشك أنّ علم الإجتماع السياسي هو الأصل الذي لايمكن فهم النصوص الشرعية إلا من خلاله .
فيقول:-( ولا يمكن تجيير النصوص الدينية، في الجانب الروحي، في الاستقامة والتقوى، منفصلة عن الجانب المدني والعمل السياسي الصالح، فحقائق علم الاجتماع والسياسة، هي الخلفية المعرفية التي لا يمكن فهم النصوص والمواقف السياسية الإسلامية من دونها.) ص28
ولذلك يقول عبدالله الحامد:-( فإذا عرفنا سنن الله الاجتماعية والسياسية في الوجود، سنكون أهلا لمعرفة شرع الله في الكتاب والسنة.) ص41

وينطلق عبدالله الحامد في غلوّه في هذا الأصل الذي ابتدعه ليجعل علم الإجتماع السياسي منظارا لابد من استخدامه فيمايلي:- (ومن أجل ذلك فلعل من المفيد استخدام منظار علم الاجتماع السياسي، في قراءة النصوص والمواقف الدينية خاصة، وفي قراءة المذاهب والحركات الدينية عامة، وفي دراسة التاريخ الإسلامي عامة، لكي لا ننجر إلى تكديس رمال من الكتب والمقالات والمحاضرات، لا تزيدنا إلا خبالاً.) ص73
قال أبوعبدالله :- فالمدعو عبدالله الحامد ماهو إلا مثال لتيار يسعى لتحريف الإسلام  وقد تلحف بلحاف المطالبة بحقوق الإنسان والسعي لقيام المجتمع المدني والعمل على الإصلاح السياسي والإجتماعي فإذا تمكن ومكن له أفسد دين المسلمين ودنياهم واستبدل حكم الإسلام بحكم النظم الغربية الكافرة من دعوة للديمقراطية والليبرالية بشقها السياسي التعددي وشقها الفكري المتحرر ومايدعو إليه عبدالله الحامد وتياره التغريبي من قيم المجتمع المدني فإنما يعني به النظم المدنية للمجتمعات الغربية مما نقلناه عنه فيما مضى من النقولات.
القسم الثاني: مقولات عبدالله الحامد وطعونه الباطلة بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهي على أنواع :-
النوع الأول: مقالات فيها ذم وطعن بكل مجتمع الصحابة
المقالة الأولى:- يقول عبدالله الحامد :-
(ب= مقتل عثمان أعظم علامة على هشاشة قيم المجتمع المدني والثقافة السياسية:
والفتن التي حدثت في أواخر عهد عثمان وطوال عهد علي رضي الله عنهما، إفراز لضعف المجتمع المدني.
من أجل ذلك لم يجد المسلمون السابقون، حلاً سلمياً مريحاً لهذه القضية، فهؤلاء الثوار الذين نقموا على عثمان رضي الله عنه بعض الأشياء، لهم مطلب شرعي عادل لا مراء فيه، يمكن التعبير عنه بلغة حقوقية: إنشاء لجنة لتقصي حقائق العمال المتهمين بالفساد، أو عزلهم.
 ولكن أسلوبهم في التغيير فوضوي غير شرعي، يشف عن هشاشة القيم المدنية، وينم عن القيم الصحراوية، وإن حاولوا أن يواري جهلهم السياسي ببرقع الدين.
والحيرة التي عاشها الأنصار والمهاجرون الأولون، وجبرية الجميع أمام رياح المأزق، أبرزت كيف أصبح السابقون الأولون أقلية، أمام جمع عرمرم من العرب، يتسم بهشاشة الأعراف السياسية.
كشفت الأزمة عن اختلال دور أهل الحل والعقد، الذين يمكنهم أن يحلوا المعضلة حلاً عملياً، فإما أن يلزموا الخليفة بالمطالب أو بالتنحي، أويردوا الثوار عن حمل السيف، أو أن يتوسطوا بينهما، عبر قوة ذات قدرة على الفرض والإلزام.
العرب في الجاهلية لم يرسخ فيهم معيار حل الخلاف السياسي والقبلي (عبر الأسلوب السلمي)، وأنى للمجتمع القبلي أن ينتج قوى سياسية مدنية، التي تلزمهم بالقانون، إلزاماً مادياً.
من أجل ذلك لم تكن هناك أعراف راسخة(في صدر الإسلام) تجسد مفهوم (أهل الحل والعقد)، في قوة سياسية ذات إلزام مادي أو معنوي.
من أجل ذلك ارتبط العدل كما ارتبط الظلم، بالأشخاص لا بالمؤسسات، ولذلك بقي شخصياً يتناقص، حتى شكا عمر في وسط عمر الخلافة الراشدة فقال: «اللهم إني أشكو إليك ضعف الأمين وقوة الخائن».
 وضعف الأمين وقوة الخائن، يشكل جدلية الصراع، بين الروح المدنية التي لم ترسخ في القلة من السابقين الأولين، والروح الصحراوية التي عادت جذعة من خلال طوفان حدثاء الإسلام.
من أجل ذلك لم يكن أمام السابقين وغيرهم، إلا الاستسلام لمنطق التداعي الكارثي. فصار مقتل عثمان رضي الله عنه، باباً انطلقت منه الفتن، لأنه ليس محصوراً في مقتل شخص جليل، ولا مأساة خليفة راشد فحسب، بل كان اعتداء جماعياً على الحاكم الشوري المنتخب، وهذا الاعتداء لم ينجح بقوة المهاجمين فحسب، بل بخذلان المناصرين، وبموقف عثمان المتردد قبل كل شيء آخر. وبعبارة موضوعية بسبب هشاشة أعراف المجتمع الأهلي المدني.
ولم يحدث هذا في عصر عادي، بل في فترة الأولين من المسلمين، الذين أمرت الأمة باحترامهم واتباعهم.
فالمسألة ليست في الأشخاص ولا في النيّات، المسألة في فقدان مؤسسات المجتمع المدني، التي هي لون من ألوان النضج السياسي.
باب الفتنة لم يكن مغلقاً، لكنه انكسر بقتل عثمان، فالأحداث الكبرى هي مجموع تراكمي، لا نكاد نرى منه إلا ما نرى من ظاهر جبل الثلج الرابض فوق الماء، فالباب كان موارباً، فلما انفتح انطلقت منه إفرازات هشاشة القيم المدنية وتداعياتها. وكل الرياح الهوج التي عصفت بخلافة علي إنما انبثقت من هذا الباب.) ص 29-30
 المقالة الثانية:- يقول عبدالله الحامد:
(من المهم أن نتصور أن صراعات المسلمين الأولين ناتجة عن السببين الاثنين:فجاجة الثقافة السياسية، وهشاشة قيم المجتمع المدني.
هذا وذاك  هو الذي جرّهم إلى الاختلاف في بديهيات وأوليات الحياة المدنية، التي أجملها الكتاب والسنَّة القولية، ولم تكن للعرب خلفية مدنية، يستطيعون بها تفصيل ما أجمل.
الصحابة لم يختلفوا اختلافاً ذا بال، في الشعائر الروحية الخاصة، لا في الأمور الصغيرة ولا في الكبيرة، بدءاً من آداب قضاء الحاجة والوضوء، ونهاية بأركان الصلاة والصيام.
 ولكنهم اختلفوا في أركان عظمى من أركان الإسلام السياسية، وكل صراعات الحركات والطوائف الفكرية، وماثار فيها من صراع سياسي دموي.انطلقت من هشاشة الأعراف المدنية، وفجاجة الأعراف السياسية(في الثقافة المجتمعية)) ص 38
المقالة الثالثة:- يقول عبد الله الحامد:
(لم تكن لدى العرب ثقافة مجتمع مدني،كالتعددية والحوار وتداول السلطة وحصر حل الخلاف السياسي والاجتماعي بالوسائل السلمية، قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام لم تكن تجربة المجتمع المدني الوليد كافية، لترسيخ القيم المدنية والسياسية، في المحيط الاجتماعي العام.
ولذلك لم يجد عثمان ولا الصحابة السابقون أسلوباً عملياً، يعالجون به فوضوية الذين تركوا الجهاد، وجاءوا ليصلحوا الخليفة بالسلاح، هؤلاء (المجاهدون) في التخوم استعادوا القيم البدوية وشيكاً، وأحلوها مكان القيم المدنية، فلم يجدوا في ثقافتهم (الجاهلية) أسلوبا لإصلاح الخليفة إلا السلاح،فالسلاح هو الحل، في الداخل كما هو في الخارج.
تلك المفارقة الدرامية التي تعجب منها حسان بن ثابت:
أتركتمو غزو الدروب وجئتمـو
لقتـال قوم عنـد قبـر محمـد؟
لأن السابقين من المهاجرين والأنصار، أمام نازلة ليس لها سابقة في تجاربهم، ولم يكن لهم ثقافة سياسية سابقة، ولا ثقافة مجتمع مدني راسخة، يحلون الأمور على ضوئهما، ولا تجمعات مجتمع مدني، تكبح من خرج على طبيعة البيعة أو وظيفتها.) ص 59-60

النوع الثاني: من مقالات عبدالله الحامد في ذمه وطعونه في الخلفاء الراشدين .
المقالة الأولى:-  طعن عبدالله الحامد في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وأنها لم يطبق في اختياره المعيارية السياسية بأن يتولى الحاكم بانتخاب حر ولكن جاء الإنتخاب للصديق رضي الله عنه مراعيا واقع القوة السياسية لقبيلته قريش فيقول عبد الله الحامد :
(والأنصار لم يكونوا يجهلون ذلك، إنما كان بعضهم بحاجة إلى التذكير به، في موقف جمع بين هول موت النبي صلى الله عليه وسلم، وحيرة حول المعايير التي تحدد مؤهلات الخليفة القبلية، قبل الحديث عن مؤهلاته الشخصية.
الذين قدموا سعد بن معاذ على أبي بكر رضي الله عنهم وعنهما، قد يجدون مبررات لا تنكر، من حيث فضل سعد وفضل الأنصار، وخبرة سعد القيادية، ولكن المفاضلة ليست بين الأشخاص فحسب، ولا بين أنصاري ومهاجر ، فكلا الرجلين كفؤ وكلا الفريقين كفؤ، ولا تحتم المسألة تقديم الفاضل على المفضول، ما دام كلا الشخصين كفياً، بل المسألة إدراك سياسي، لعوامل النجاح، التي لا تسمح بتهميش قريش.
كان سباحة ضد التيار، تطبيق المعيارية السياسية، أي (تولية الحاكم بانتخاب حر) أيا كان لونه أو جنسه او قبيلته أو مدينته، أي كما أكد الحديث" حبشي كأن رأسه زبيبة"، سباحة ضد التيار، تطبيقها على واقع لم ترسخ فيه القيم المدنية،ولم تنضج فيه الثقافة السياسية؛ وكان المهاجرون والأنصار يدركون هذا الأمر إدراكاً عملياً، ومن ثم جاء انتخاب الخليفة مراعياً واقع القوة السياسية القرشية، التي نسجت من خيوط عديدة، ثقافية وتجارية وجغرافية ومجتمعية مدنية، وإرث ديني طارف وتليد.) ص 35

  
المقالة الثانية: يفسر عبدالله الحامد جهاد الخلفاء الراشدين والصحابة بتفسير باطل وفيها ذم وطعن في الخلفاء الأربعة والصحابة الكرام فيقول:
(وبقيت بضعة أسئلة لعل مقاربته تسهم في  فهم الحقيقة، هل كان الخلفاء الراشدون عندما قدّموا نشر الملّة، على استقرار الحكم الشوري، لا يدركون أن ترسيخ القيم المدنية والسياسية، كفيل بانتشار الملّة(بصورة تلقائية)؟ أم أنهم يدركون ذلك لكنهم قدّموا نشر الملّة على القيم المدنية، لأنهم يشعرون أنهم مهددون من قوى خارجية كبرى، كفارس والروم، تتربص بهم الدوائر، وتلتقط أنفاسها، لكي تعود إلى استعبادهم مرة أخرى.
هذا هو التفسير الأقرب، أنهم امتطوا الجهاد العسكري، للدفاع عن ثغور الدولة، لا أنهم امتطوه  لنشر الملّة، كما يتوهم كثيرون.
وخلال ذلك انشغلوا عن الجهاد الداخلي السلمي لترسيخ القيم المدنية؟.) ص 69
ويقول كذلك (والصحابة رضي الله عنهم، كانوا أمام منعطف طرق، إما ترك الجهاد والفتوح، وبناء المجتمع المدني لبنة لبنة، وإما التصدي للتحديات المحدقة بالملة، وترسيخ الملة حتى تصبح لها الغلبة والسطوة، وقد آثروا الخيار الثاني، لأنه الخيار بين معركة الإيمان والكفر، ومعركة ثقافة الصحراء والمدينة، جعلهم يقدمون الأولى، ولم يكن بد من أن تظهر الأعراض الجانبية لهذا الخيار، في ضعف الروح المدنية.) ص 86
ويلاحظ بالإضافة للذم وجود تخبط بالكلام وتناقض

المقالة الثالثة: ذم وطعن عبدالله الحامد  بعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما بطريقة فيها مكر ولؤم.فيقول عبدالله الحامد:
(ركّز علماء وباحثون من القدامى والحداثى على الجانب الشخصي، في تلمس أسباب الأزمة في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما، وتناولوا مدى خبرتهما، في مشكلات الحكم ومعطياته، وأشاروا إلى خبرتهما السياسية المحدودة، لأنه ليس لهما ممارسة وتجربة، إلا في مجال الحروب، أما ميدان السياسة والإدارة، فلم يكن لهما تجارب سابقة، ولم يكتشفا واقع الناس واتجاهاتهم، في الأقاليم الجديدة، كمصر والشام والعراق.
وقد أنتج هذا أن تسيطر العفوية أو المثالية، في معالجة المشكلات.
ولكن من المناسب أن ننظر إليهما، بصفتهما شخصيتين نموذجيتين يمثلان نمط السابقين الأولين، الذين لم يتح لهم التدرب والمرانة، ولذلك لم يجد عثمان حرجاً في تولية أقاربه، ولم يرتض علي أسلوب المناورة(أول عهده) التي هي من أبجديات السياسة.
ولكن رغم كل ما يقال عنهما بصفتهما الشخصية، فإن الأمر قابل للنقاش والجدل، ولكن الإقرار به أو إنكاره، لن يغير من الحصيلة النهائية شيئاً يذكر، حقاً لو كانا في مثل دهاء زياد ومعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، لأمكن أن يطول عمر الخلافة، ولكن لن يكون ذلك أكثر من بضع سنين.) ص 58

النوع الثالث: الطعن ببعض الصحابة رضي الله عنهم وذكرهم بأسمائهم
وهم على النحو التالي:
أولا: الطعن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
يقول عبدالله الحامد: (وحين سمعت عائشة رضي الله عنها نباح الكلاب، وهي تسري في هزيع الليل إلى العراق، سألت عن اسم المكان، فقالوا: إنه الحوأب فتذكرت أن المصطفى استفهم نساءه مستنكراً أيكن تنبحها كلاب الحوأب؟ فجاؤوا لها بمن يشهد ويقسم أنها تجاوزت الحوأب منذ الصباح، قبل أن ترى الليل وتسمع النباح، وأن الكلاب التي نبحت إذن لم تكن كلاب الحوأب.
 فلماذا تحتاج عائشة إلى مثل هذا الحديث، لكي تكتشف خطأها السياسي؟ ولو لم تكن تعرف مثل هذا الحديث هل تندفع في مغامرة البغي على خليفة منتخب؟ وعندما لا تكون لدينا أحاديث خاصة بنا كيف نتصرف في مثل هذه المواقف؟ هل يكفي حسن النية والتهجد والورع الشخصي؟) ص 22-23

ثانيا: الطعن بعائشة وطلحة والزبير ومعاوية رضي الله عنهم.
يقول عبدالله الحامد: (فالفقه السياسي(لو توافرت قوة مؤسسات المجتمع المدني) لكبح اجتهادات طلحة والزبير وعائشة، فضلاً عن معاوية،رضي الله عنهم، التي ثلت كرسي الخلافة المنتخبة الشورية، في تلك الموجة الهادرة.
طلحة والزبير رضي الله عنهما، من المبشّرين بالجنة، وعائشة رضي الله عنها من أمهات المؤمنين الفواصل، عندما بغى الثلاثة على علي رضي الله عنه، لم يدركوا فداحة ما انساقوا إليه، لأنهم لم يدركوا أهمية احترام الإمام الشرعي المنتخب، وأنه لا يجوز حمل السلاح عليه، من أجل المطالبة بدم أي شخص كان، حتى لو كان الخليفة عثمان.
ولا جرم أنهم أتقى وأورع، من أن يتعمدوا الإساءة للأمة والملة، وهم من طليعة حماتها البارزين، وهم أعقل وأذكى من أن ينخدعوا بظواهر الأمور، وهم أنصف وأعدل من أن يستسلموا لهوى المجد الشخصي.
 ما السبب إذن؟ السبب أن مفهوم الدولة الشورية لم يترسخ في الأعراف الاجتماعية، التي تشرّبها جيلهم منذ نعومة الأظفار. ولذلك زجهم الناس في مواقف لم يتبصروا فيها) ص 30-31
ويقول عبدالله الحامد كذلك: (الشعبي يقول: "اختلاف الشريكين من حظ منافسهما"، وهكذا كانت مطالبة أهل الجمل: عائشة وطلحة والزبير بدم عثمان رضي الله عنهم، وقصدهم الكوفة لقتال علي، كانت حركتهم هي المسمار الأول الأكبر في نعش حكم الانتخاب الشوري.
 وانفرط بذلك عقد الحكم الشوري، فأكمل الخوارج دور أهل الجمل، وأجهز معاوية على حكم الانتخاب الشوري، في معركة صفين أيضا بسبب بساطة الثقافة السياسية، ولأن القرآن حمال أوجه(في ظل فجاجة الثقافة السياسية) استدلوا أيضا بالقرآن.) ص 55


ثالثا: الطعن بالصحابة سعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم. يقول عبدالله الحامد:
(من أجل هشاشة الثقافة السياسية عبث أغلب الناس بمصطلح (الفتنة)، فعدّ قوم خذلان بعض الصحابة(كسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر) وضي الله عنهم الإمام الشرعي الشوري المنتخب (عليا) رضي الله عنه من باب الابتعاد عن الفتنة، ولم يكن ذلك فهماً صحيحاً للفتنة، بصفته مصطلحاً سياسياً، لا يفهم دون معرفة العلاقة التجاذبية، بين ما هو اجتماعي وما هو سياسي، وإدراك علاقة الاجتماعي بالسياسي يعيذ من الانتهازية السياسية، التي ترفع (قميص) عثمان أو يد (نائلة) أو المصاحف، للإخلال بحكم الانتخاب الشوري.) ص 21

رابعا: بالإضافة لسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمر رضي الله عنهما طعن بزيد بن ثابت وعبدالله بن عمرورضي الله عنهما.
فيقول عبدالله الحامد:
(وظهر وحار فريق رابع في ظل اختلال المعايير، فلم يجد كيف يخلص من هذا الإشكال. فلم يستطع أن يذهب ذات اليمين ولا ذات الشمال فاعتبر ما دار بين علي وخصومه في الجمل أو صفين فتنة، أي نمطاً من الحرب الأهلية بين تيارين، ليس أحدهما بأَولى من الآخر، فاعتزل الفريقين المتحاربين، ومن رموز هذا التيار سعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو.
وسواء صحّت أسماء رموز العزلة وأعدادهم أو لم تصح، فمن الواضح أن المعتزلين عدد غير قليل، وسواء أدركوا خطأهم بعد فوات الأوان(كعبد الله بن عمر) أم لم يدركوه، فإن من الطبيعي أن ندرك أن اعتزالهم ناتج عن فقدان المعايير، في مناخ ذي ثقافة سياسية ضبابية، فتساوى فيه علي ومعاوية، فالفتنة الحقة إذن خذلان الخليفة الشرعي الشوري المنتخب، فليست المسألة مفاضلة بين فلان وفلان، إنما هي احترام الشرعية السياسية.) ص 54

خامسا: بالإضافة لسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمررضي الله عنهما أضاف عبدالله الحامد الصحابي أسامة بن زيد رضي الله عنهما
يقول عبدالله الحامد: (وعندما حارب علي البغاة من أهل الجمل وصفين، تردّد بعض الصحابة، واعتبروا تلك الحروب من الفتنة، كسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد رضي الله عنهم، ولذلك خذلوا الخليفة واعتزلوه وهذا تجلٍّ آخر لهشاشة الفقه السياسي.) ص 30


سادسا: طعن عبدالله الحامد وذمه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
فيقول عبدالله الحامد: (على أن فكرة عزل الخليفة(إن صح أن أبا موسى نادى بها) تدل علي جهل كبير في الدين، وبالأعراف السياسية أيضاً، ولأن توكل قضية كالخلافة لشخصين (اثنين فقط) خطأ ثالث آخر.
قد لا يكون أبو موسى الأشعري في ذلك الموقف ذا دهاء سياسي، ولكن هذا إن صح لا يغير من المحصلة النهائية شيئاً، لأن هذا ليس جوهر القضية، فجوهر القضية هو ضعف الأعراف السياسية،وضعف المجتمع المدني، لأن نضج الأعراف يقتضي أن لا يتخذ الطرفان قراراً نظرياً، يتعذر تطبيقه، لعدم وجود آلية مادية أو معنوية، تضمن تنفيذه طوعاً أو كرهاً.) ص 32

سابعا:- الذم الشديد والطعن في الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. ومقالات عبدالله الحامد التي يذم فيها كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه على النحو التالي :
 المقالة الأولى :- يقول عبد الله الحامد:( فنتعرف على معاوية بصفته نموذجاً اجتماعياً، للذين أسلموا، وقاموا بأركان الإسلام الروحية الخاصة، من صلاة وصيام، ولكنهم لم يتشرّبوا أركان الإسلام المدنية والسياسية، وما لها من سقف وجدران، هي ما انبث في السابقين من روح الإيثار والمساواة والتواضع، والحرية والمؤاخاة، والبعد عن الأنانية الجاهلية والفردية العمياء والانتهازية. ولم تكن هذه الخصال متوافرة، في تيار الوافدين والحدثاء من غير السابقين.
وكان لصفوة من الحدثاء الأذكياء نبوغ استطاعوا به أن يتعلموا من خلال الممارسة كثيراً من بعض الخبرات السياسية التقنية، وأتاح لهم أن يتولوا الأعمال القيادية، كالمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص، وزياد ومعاوية، وهم الذين وصفوا بُدهاة العرب الأربعة.
معاوية إذن يتمتع بصفات قيادية موهوبة، وصفات قيادية أخرى مكسوبة، وقد اكتسب الصفات المكسوبة، عبر توليته بعض مدن الشام، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يولي أمثال معاوية من ذوي الكفايات الإدارية، من حدثاء الإسلام، ولكن معاوية استمر حاكماً على إقليم الشام طيلة عهد عمر وعثمان، ولم تتح فرصة حكم إقليم واحد، طوال عهدي خليفتين إلا له.
وكان عمر لا يتوسع في تولية السابقين الأولين، كعلي وعثمان وسعد بن أبي وقاص، لعل عمر أراد أن يستفيد من آرائهم، فيكونوا مجلساً استشارياً للدولة، من أهل الديانة والرزانة، والخبرة والسن، أو أنه خاف أن يغتروا بالناس أو أن يغتر بهم الناس، عندما يصبحون ذوي زعامات إقليمية جذابة، يمكن أن يؤدي بروزها إلى إذكاء روح التنافس والطموح الفردي فيها، فيؤدي ذلك إلى الإخلال بالانسجام السياسي، ولا سيما أن «حب الرئاسة آخر ما ينزع من رؤوس الصديقين» كما قال أيوب السختياني.
سواءا أكان هذا أم ذاك، المهم أن معاوية استثمر علاقته بالناس خلال إمارته الشام  أكثر من عشرين عما، من أجل أن يوطد له مجدا شخصيا، وملكا جبريا، عندما وجد الفرصة المناسبة، وثب إلى لتأسيس ملك عضوض، فكان أكبر فتنة وأفظع بدعة في الإسلام على يديه، وعلى يدي أمثاله(من غير السابقين)) ص 56-57
المقالة الثانية :عبدالله الحامد يتهم الصحابي معاوية رضي الله عنه بإحداث البدعة الكبرى. فيقول :( على أن الذي يحدث البدعة الكبرى: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.) ص 48
ويقول كذلك: (عندما سقطت الخلافة الراشدة، لم يكن سقوطها محصورا بعوامل مصادفة فردية، بسبب رجل كمعاوية،(لا يعفى أي  امرئ في الدار الأخرة عن استبداده) ولا سيما إذا قاد الأمة إلى الملك العضوض.) ص 48

المقالة الثالثة: يشكك عبدالله الحامد بكون الصحابي معاوية رضي الله عنه من كتاب الوحي وفي حال ثبوتها لايجعل لها فضل فيقول: (ونظر إليه آخرون من التيار السلفي المحافظ العباسي ذي النزعة الأموية، من الزاوية الروحية الدينية، وقدموه صحابياً جليلاً كاتباً من كتّاب الوحي (ولم تثبت كتابته، ولو ثبتت لكانت فضل صنعة، لا فضل صحبة، لأن كتابة الوحي لم تعصم عبد الله بن أبي السرح عن الرّدة)، قدموه حسن السيرة والسريرة، قدموه صحابياً نموذجياً، لم يضره أن كان من طلقاء الإسلام وحدثائه، وتحدثوا عن قيامه الليل وقراءته القرآن.) ص 51-52

القسم الثالث : الذم الشديد من قبل عبدالله الحامد لعام ( الجماعة ) الذي تنازل فيه الحسن رضي الله عنه بالحكم لمعاوية بن سفيان رضي الله عنه واجتمع فيه الصحابة وانتهت الحروب والفتنة بينهم رضي الله عنهم جميعا وهذا الأمر الذي أفرح المسلمين قديما وحديثا أغاض وأغضب الضال عبدالله الحامد والرافضة فيقول عبدالله الحامد :
(  لعل هذه المقدمات تساعد على فهم الأحداث منذ عام الجماعة، ولماذا اجتمع الناس على التنازل عن الخلافة الراشدة، فالناس قد تغيروا، لم يعودوا مصرين على التعلق بالحكم الراشد، ولعل كثرة الهرج والدماء، قد أقنعتهم بأنهم أمام معطيات، فيها الفشل أقرب من النجاح.
إنها حالة فقدان المعايير الاجتماعية، حين  يجد الناس أن المعايير الثقافية التي يتعلقون بها، لا يمكن أن يسمح لها المجتمع بالتنفيذ، عبر وسائل مقبولة، فتنشأ حالة من الاغتراب الاجتماعي، تؤدي بنفر قليل إلى مصادمة التيار العام، كالحسين بن علي رضي الله عنه، وتؤدي بجمع كبير إلى اللامبالاة والإحباط، كالحسن بن علي رضي الله عنه.
ولذلك فإن الحسن بن علي ، كان مليئاً بالإحباط فقدان الأمل ، عندما تنازل لمعاوية، ولكن النتائج دلّت على أنه ذلك كان أمراً خطيراً.
إن عام الجماعة هو عام الجماعة المغلوبة على أمرها، المتظاهرة بالتآلف والوحدة، ولو كان التآلف على جبر وجور. ولكنه بعيار العقيدة السياسية؛ هو عام الفرقة كما ذكر العقّاد، بل هو عام البدعة والفرقة، لا عام السنَّة والجماعة، إنه عام انهيار النظام السياسي الشوري، أو بعبارة أخرى عام البون الواسع بين ماهو مستقر في وجدان النخبة من (معايير سياسية مثالية) وما يمكن تطبيقه في سلوك الرأي العام غير المستنير(المسرح الاجتماعي الرديء)، الذي لا يتيح تطبيق النظام الشوري.
 فهو عام الجماعة المنهزمة التي تخيلت بسبب يأسها وقلة حيلتها وتجنبها التضحية، وإيثارها السلامة الفردية على الحفاظ على كرامة الأمة وعزتها وحرينها أن الإمام الظلوم خير من فتنة تدوم، من دون أن تدرك أن الحكم الكسروي الجبري أكثر الفتن دواماً، وأنها ترسخه بما فعلت.
من المقبول أن يتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه إذا كان يشعر بأنه لا يستطيع مزاولة أعباء الحكم، ولكن من المعقول أن يتنازل لمن يؤمن بالحكم الشوري من السابقين أو التابعين، كعبد الله بن الزبير.
ومن المفيد أن ينقل عاصمة الحكم إلى الحجاز، حيث خلاصة المسلمين الأولين، وأن ينتظر الناس، حتى يصل الحكم الأموي إلى أمثال يزيد، عند ذلك تكون فرص الحكم الشوري أكثر وأوفر.
كان من المقبول أن لا يحارب معاوية(لا في الشام ولا في مصر)، بل يبقي (حاكما شوريا في الأقاليم الأخرى كالجزيرة العراق)، حتى يدرك الناس في الشام وغيرها أن الحكم الشوري خير وأبقى.
كان عام الجماعة عام القبول بالوقائع الاجتماعية الحاضرة، ولو كانت فاسدة، سيئة العقبى، كان عام الامتثال دون قيد ولا شرط، للنموذج الكسروي الصحراوي.) ص 81-82

القسم الرابع:  ازدراء عبدالله الحامد لمنهج السلف والسخرية من قمع البدع وعقوبة دعاتها فيقول : (فلكل مذهب سلف صالح، أجمع على تفسير معيّن للتاريخ، وعلى اللاحقين أن يختصروا دورهم في المتابعة والتقليد، وهكذا أغلقت المذهبية الاجتهاد، وضربت من حاول الاجتهاد في تفسير التاريخ بمعول الإجماع تارة، وبمعول سلفها العباسي الصالح تارة أخرى.
وطوقت الأحياء من الخلف بطوق الأموات من السلف، فقبعت المسلّمات في أغوار الذهن الجمعي، بصفتها مقدسات لا ينبغي فحصها، وفي هذا الجو الثقافي صيغ قانون قمع البدع وقتل دعاتها، من أجل إحاطة الرأي المحافظ، بسياج من حديد.) ص 62

القسم الخامس:- سخرية وعدم قبول عبدالله الحامد لعقيدة أهل السنة والجماعة في الكف عما شجر بين الصحابة . فيقول في ذلك: (وضاق آخرون بهذا الماضي، الذي انشغلت به الأمة عن المستقبل، فاعتبروا ما كان بين معاوية وعلي من الفتنة، التي ينبغي أن تعتزل الألسنة الخوض فيها، كما اعتزلت الخوض فيها ألسنة طائفة من الصحابة، كسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد، واعتبروا تخطئة معاوية من سبّ الصحابة، وترك التخطئة، من الكفِّ عن ما شجر بين الصحابة.
وإفرازاً لذلك جاء فرمان الكفِّ عن ما شجر بين الصحابة، ووضعوا قولة قالها عمر بن عبد العزيز في مناسبة خاصة، شعاراً في كل مناسبة، فرددوا: تلك دماء طهّر الله سيوفنا منها، فلنطهّر منها ألسنتنا وأقلامنا وصار ترك الخوض في ما جرى بين الصحابة، فقرة في عقيدة أهل السنَّة والجماعة في صياغتها العباسية والمملوكية.) ص 12

القسم السادس: عبد الله الحامد يقسم أركان الدين إلى قسمين وأن القسم الأول من الأركان المتعلق بالصلاة والصوم لاتتم إلا بأركان الدين المدنية فيقول : (، فلا تتمّ أركان الدين الروحية الخاصة من صلاة وصوم، إلا بالقيام بأركان الدين المدنية العامة من عدالة وحرية ومساواة وكرامة، وأخلاق عملية وأخرى علمية.) ص 30

القسم السابع:- عبد الله الحامد يطعن بصحيح البخاري ومسلم .
فيقول في ذلك: (ومن يقارن بين نهج مسلم والبخاري في ما ساقه عن فضائل معاوية رضي الله عنه، يدرك أثر الاتجاه السياسي، في التصحيح والترجيح.) ص 19

القسم الثامن: تشكيك عبدالله الحامد بعلم الحديث وقواعده وعلمائه ليشكك الأمة الإسلامية بدينها بتشكيكها بمصدر من مصادره وهو السنة النبوية وهذا ديدن الزنادقة والمستشرقين من اليهود والنصارى .
فيقول عبدالله الحامد : (ومثل هذه الأحاديث، سواء رواها مسلم أو البخاري، لا ينبغي للباحث أن يركز على التصحيح والتضعيف، لأنه جدل طويل، لا يستقر على مرسى ،و(المذهبية) في ظلال ضعف البصيرة السياسية؛ لابد أن تجد ما يقوي الضعيف ويصحح الموضوع  فليكن التعويل على مقياس أن (المتشابه) لا يستقل بمعناه، حتى يرد إلى (المحكم).
من أجل ذلك نوجز فنقول: ظاهر حديث (كحدبث ضرب الظهر) متشابه، يرد إلى (المحكم) وهوقول النبي الكريم في حجة الوداع «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا».
 وينبغي أن نعذر علماء الحديث إذا ندت عن أذهانهم مثل هذه القضايا، فقد نقدوا متون الحديث بقدرة طاقتهم، فهم لم يقصروا تقصيرا شخصيا، ولكن قصرت بهم معارف عصرهم، قصورا معرفيا.
ولقد استبعدوا رحمنا الله وإياهم كماً كبيراً جداً.
ولكن الفقه السياسي لم ينضج في تلك العصور، فظهر أثر تدني الأفق المعرفي، على تصحيح أحاديث الفقه السياسي، وقد أدى بحث هذه الأمور دون منهج معرفي عميق، إلى تضارب المفاهيم، وصار الذي يدخل هذه المنطقة من دون خلفية اجتماعية، متهماً في رأيه أو عقله، والذي يدخل هذه المنطقة، دون سلاح المحدثين والفقهاء وآلياتهم، متهماً في معرفته الدينية.
وظل ملف التصحيح والجمع والترجيح مفتوحاً، حتى القرن الخامس عشرالهجري، إذ إن الألباني رحمنا الله وإياه وغيره من المحدثين الحدثاء، لا زالوا يصححون أحاديث استقر الناس على أنها موضوعة، ويضعفون ويفندون أحاديث استقر الناس على أنها صحاح.
من أجل ذلك صار الكلام في المسألة السياسية محفوفاً بالمخاطر.
ومن المعروف عند علماء الحديث جواز رواية الحديث بمعناه المفهوم، دون حروفه المنطوقة، وهذا يجعل من المحتمل أن الرواة رووا أفكاراً بمعناها، وأعادوا صياغة المتن بعباراتهم، فأبدلوا لفظة مكان أخرى، ومن المحتمل أنهم يدخلون فهمهم الفكرة وتفسيرهم إياها بصفته هو المتن نفسه.
كما نجد ذلك في روايات الحديث الشريف، عندما ركب رجل حصانه، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل يا رسول فقال: كلمة حق عند سلطان جائر، فقد جاء في رواية كلمة عدل، وفي أخرى كلمة خير، فهذا نص من نصف سطر، فيه ثلاث روايات، وبينها فروق دقيقة.
واحتمال التحريف والرواية بالمعنى مسألة معروفة في الروايات الشفوية، التي تنتقل بين شخصين، فما بالك بروايات تنتقل بين بضعة أشخاص، وما بالك بروايات من الواضح أن التحريف فيها إنما نشأ عن التصحيف، وهي مسألة معروفة في علم الحديث.
وهذه الروايات حرية بالصحة، ومن المحتمل أن يدرك ما في لفظها من تصحيف أو تحريف، أو ما في معناها من استحالة أو تناقض، إذا كان الراوي يروي فكرة في الصلاة أو الصوم ونحوها، لأن هامش الخطأ محدود، والتطبيق شاهد ناطق، ولكنها حرية بالتحريف، وصعبة التصحيح في علم الحديث، إذا كان الراوي يروي عن شيء غائم في الذهن، ومن المعلوم أن قواعد السياسة والاجتماع الإنساني، وطبائع العمران، لم تكن واضحة للمسلمين وضوحاً منهجياً كافياً قبل ابن خلدون، بدليل اضطرابهم في حديث ذكر أن الحكم في قريش. وإذا لم يكن ذلك متقرراً في الأذهان، فلن يتمكن الرواة من إدراك مقاصد الشريعة في هذا المجال.) ص 25-26

وختاما: أسأل الله سبحانه أن ينصر الإسلام وأهله ويخذل الكفروأهله

كتبه المتوكل على ربه القوي:- عايد بن خليف السند الشمري
18/ 2/ 1434 ه