بسم الله الرحمن الرحيم
الأخطار المهدّدة لبناء بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية..وسبل صدّها
إن الدولة السعودية قامت بفضل من الله عز وجل ثم بجهود الأمراء من آل سعود.
وإن العلاقة المتينة والقوية بين مؤسس الدولة الأول الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- والعالم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- ساهمت في هذا الوجود للدولة السعودية.
وإن الناظر إلى تاريخ الدولة السعودية يجد أنها تأسست على هذه العلاقة , وبالتالي أثمرت هذا الانسجام والتوحد بين أبناء المملكة من جهة وقيادتهم من الجهة الأخرى.
وماتم من أمن وإستقرار داخلي كان منشأه الاعتصام بالكتاب والسنة وقوة الإلتفاف من قِبَلِ الرعية على ولاة أمرها وكذلك قوة الترابط بين ولاة الأمر بقسميهم الأمراء والعلماء.
فعوامل قوة وطننا هي :
وحدة العقيدة المتمثلة بعقيدة أهل السنة والجماعة ووحدة المرجعية الشرعية بتحكيم الشريعة الاسلامية والتمسك بالبيعة الشرعية لولاة الأمر من آل سعود وفقهم الله لمرضاته بتحكيم شرعه.
فهذه العوامل تعتبر ثوابت وأسس لبناء وطننا العزيز مما أثمر من التمسك بها وحدة المجتمع واستقراره سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
وبالتالي قوة هذا البناء على مواجهة التحديات الخارجية بمختلف قدراتها وتوجهاتها وأهدافها ووسائلها لتحقيق هذه الأهداف , تنبني على بقاء هذه العوامل القوية.
ولاشك أن الجبهة الداخلية لبلادنا تنطلق لضمان تماسكها وقوتها من قوة التزامها بتحكيم الشريعة الاسلامية وحفاظها على قوة ثوابتها. وبتحقق قوة البناء الداخلي يصمد الوطن أمام الأخطار الخارجية.
إن التناصح المنطلق من الشعور بالمسؤولية والحرص على وحدة الوطن والحفاظ على عوامل بناءه يثمر إصلاحاً بنّاء ساهم في قوة وتماسك الجبهة الداخلية ويعطي الجبهة الخارجية القدرة على المواجهة الفعالة بعد أن ضمنت سلامة مصدر قوتها المتمثل بالجبهة الداخلية.
ولذلك يسعى الأعداء لإضعاف الجبهات الخارجية للدول والحد من قدرتها على المناورة وتحصيل مصالحها بإختراق الجبهة الداخلية والعمل على تفكيكها بعد القضاء أو الإضعاف لعوامل قوتها.
ولايمكن لأي قوى خارجية أن تقوم بهذا الاختراق إلا إذا أًوجَدَتْ أو وُجِدَت شخصيات أو جماعات ذات نزعة تدميرية للبناء الداخلي للأمة.
ولايمكن وجود سواعد مستعدة لحمل معاول الهدم لبناء أمتها إلا إذا كانت ثمة عقول قد تلوثت بأفكار ذات عقائد معادية لما تقوم عليه قوة بناء الجبهة الداخلية.
ولذلك سعى الأعداء على مختلف مشاربهم وتنوع أسباب عداوتهم إلى إيجاد مثل هذا النوع من العقول ذات النزعة التخريبية في بناء الأمة. ومما يُشترط في هذه العقول أن تكون محلية عند البروز والظهور وإن كانت الأصول التي إستمدت منها الفكر التدميري مستوردة , وذلك لكي تأخذ الأفكار التدميرية بعداً محلياً.
والواجب وفق هذه المنظومة المعادية أن تكون العقول المحلية في بداية أمرها ذات طابع تربوي إنتاجي غير مُظهر لعداوته في بداية نشره لهذه الخلايا السرطانية في أدمغة المتلقين من أبناء الوطن الذين خدعتهم ما تتمتع به هذه المجموعة من قدرة على تزييف الحقائق , وتغليف أسلحتها التدميرية بغلاف الإصلاح , أو الحمية الدينية المنسوبة للإسلام زوراً , وإنما هي حمية محدثة إستمدت أصولها من لَدُن ذي الخويصرة الخارجي .
وهكذا عبر سلسلة من العمليات في جراحة الدماغ المفتوح إستطاعت هذه النابتة أن تشكك فئة من أبناء الوطن بثوابت قواهم الداخلية , وإعادة صياغة عقولهم وِفْق مخططات الفكر الغازي وجبهاته المتعددة.
وأخذت هذه العقول بعد خضوعها لعمليات إستغرقت زمناً تتعامل مع ثوابت وطنها وِفْق ماحملته من مستورد الأفكار المعادية لهذا الوطن.
وإنقسمت هذه العقول المبرمجة للتدمير في طرق تدميرها لبناء وطنها بحسب مادة كل جبهة وطبيعة عداوتها.
فعقل (تنظيم القاعدة) بُرمِج عل أن يكون أصابع من الديناميت يتم زراعته في أحشاء أمته فينفجر منهياً وجوده أولاً وفاتحاً ثغرة في جوف أمته لكي يتسلل غيره (الإخوان المسلمون ) ممن يشاركه في أصل البرمجة ويخالفه في الطريقة والتوقيت بالإستفادة من هذه الثغرة والعمل على تدمير ما سَلِم من الأحشاء بطريقة تحمل طابع المكر والخديعة وتوظيف الحدث لصالح برمجة الأستاذ دون التلميذ مع إظهار التألم وذرف دموع التماسيح لفعل فاتح التجويف لا للمتلاعب بالأحشاء والعامل على إتلافها.
وقسم (الليبراليون) وجد من صنيع القسمين الأوليين أرضية لطرح وجوده الذي لايتم إلا بأن يتخلى الوطن عن هويته الإسلامية وتحكيمه للكتاب والسنة .
وقسم آخر ( الصفويون ) وجد الفرصة سانحة للإستفادة من هذه الفوضى التي أحدثتها الأقسام الثلاثة وخاصة القسم الليبرالي لكي يطرح وجوده السياسي وتكتله الحزبي في المحيط الديمقراطي التعددي الذي ينادي به الليبراليون وحلفاؤهم في المرحلة من الإخوان المسلمين.
وهنا تتضح خطورة سعي خصوم بلاد الحرمين بالمطالبة لتطبيق الملكية الدستورية كنظام للحكم والذي أجمعت بالمطالبة به خصوم الدولة السعودية من دول غربية في الخارج أوالأحزاب السياسية التي يتضمنها التحالف المرحلي لليبراليين والصفويين والإخوان المسلمين.
وقسم آخر(القوميون) أخذ يغني على ليلاه في تاريخها الغابر فلقد حان عنده وقت التشفي.
وكل مطلع على الأصول العقدية التي بنيت عليها الأقسام السابقة وفكرها السياسي يجد أنّ لديها مشروعا لقيام دولة لايمكن لها الوجود إلا على أنقاض بلاد التوحيد والسنة بلاد الحرمين البناء الشامخ المملكة العربية السعودية حفظها الله عزوجل من كيد الأعداء.
ولقد تحالفت بعض هذه الأقسام لوجود قاسم يحمل مصلحة مشتركة بينها فدعت لفتح باب حرية الرأي دون ضابط أو قيد من قِبَل الثوابت التي تم بناء الوطن عليها.
ومن خلال طرح هذه المقدمة ذات الطابع الفوضوي يتسنى لهم الولوج إلى مقدمة ثانية يطرح من خلالها التعدد الفكري الذي لاينشأ في فراغ وإنما وفق واقع التعددية الحزبية والتي بدورها تعتبر علّة لمعلول لاينفك عنها وهو مبدأ التعددية السياسية.
مما ينتج عنه إدخال ثوابت بناء الوطن وأسس قوته وشموخه في دائرة من الزلازل الممزقة لوحدة الوطن والعاملة على تصديع بناءه.
ولذلك لابد من معرفة المخرج الآمن من الأزمات التي تواجه الوطن داخلياًّ وخارجياًّ , وعدم الإغترار بجمال مداخل المقترحات وزخارفها دون النظر إلى النتائج وعواقبها.
فإن الثعالب لايُغتر بنصحها عند إظهار ضعفها وتماوتها.
والأفاعي لايعني سلخها لجلودها أنها تخلت عن أنيابها وسمها.
وتلون الحرباء ليس بدليل على تغير فكرها وشخصها.
ومما هو معلوم فإن ثمة تفاوت بين الخطاب الخارجي والخطاب الداخلي.
فالأول تمليه سياسة الظروف الراهنة وتحصيل المصالح المشتركة والقدرة على إدارة المفاوضات لتحصيل المصالح لكيان الوطن مما يؤدي إلى بقاء ثوابته الداخلية وإستقراره وشموخ بناءه.
والناظر إلى سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين من بعده يتأكد عنده صفة الخطاب الخارجي وما تضمنه من معاهدات أمنية وشراكات إقتصادية ذات مصالح مشتركة لاتتعارض مع ثوابت الدين الإسلامي بل تساعد على بقاءها وحمايتها والحفاظ عليها.
ومما قررته الشريعة الإسلامية وجوب إلتزام الجبهة الداخلية بالمعاهدات التي تم الإتفاق عليها مع القوى الخارجية من قِبَل ولي الأمر مما يحقق المصالح للمسلمين ويدرأ عنهم المفاسد قال - صلى الله عليه وسلم- (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) رواه البخاري.
وفي معاهدات النبي - صلى الله عليه وسلم- وماقام به من صلح الحديبية خير مثال لما مضى تقريره.
ولذلك يجب الحذر من أمرين في هذا الجانب:-
الأول: تمرد الجبهة الداخلية على ماتم إبرامه من معاهدات وعقود من خلال الجبهة الخارجية.
الثاني: الخلط بين ثوابت الجبهة الداخلية ومصادر قوتها وتماسكها ومتغيرات السياسة الخارجية وطبيعة معاهداتها لمواجهة التحديات.
فإن مايحدث من معاهدات خارجية لم يتم إلا للحفاظ على ثوابت الأمة الداخلية.
وللأسف الشديد أن وجود عقول تعمل وِفْق برمجة العدو الخارجي أدى إلى إنشاء خلايا فكرية ذات واقع عملي تربوي تحرص على إستغلال الأزمات الخارجية في طرح مامن شأنه الإضرار بثوابت الوطن والعمل على إضعاف قدرة الخطاب الخارجي عند تعامله مع الأزمات الإقليمية والدولية المهددة لإستقرار البلاد.
ولذلك تجد أن الصفة المشتركة لهذه الخلايا السرطانية ذات الأفكار العدائية , أنها لاتنشط إلا عند تعرض الوطن لأخطار خارجية تعمل على إنشغال قادته والغيورين من أبناءه في مواجهة المشاكل ذات الطابع الإقليمي والدولي المهددة لأمن الوطن ومصادره الإقتصادية.
فيكون حال هؤلاء المندسين وسط جنود الوطن كحال الطاعنين في الظهور عند إنشغال الصدور.
ومما يكشف مدى خطورة هذه الخلايا المزروعة في جسد الوطن قيامها بأفعال تثير الفتن الداخلية وتستغل الأزمات الخارجية وتُوجِد حالة من العداوة مع الآخرين لكي يتحقق لها إيجاد مصادر تعمل على تهديد ثوابت الوطن لكي تجد فرصة تسمح لها بالخروج إلى السطح حتى تمارس أعمال الهدم في بناء الوطن الشامخ. وفق عملية ذات مراحل تم وضع أساسها تحت الأرض وحان وقت ظهورها في العلن.
ولكننا نجد ثمة فرق وإتفاق في التعامل مع الأخطار الخارجية والداخلية , فأما الإتفاق فإن الإلتزام بثوابت الوطن تشترك فيه المواجهة لكل من الخطرين , وأما الفرق فإن عواصف الأزمات الخارجية تتطلب قوة التماسك ومقدرة على المناورة في المواجهة لحين مرورها وإنتهاء تأثيرها , وأما نيران الأزمات والفتن الداخلية فإنها تتطلب التكاتف من القوى الوطنية والسرعة في إخمادها والقضاء على أسباب إشتعالها.
فعنصر الوقت قد ينفع أحيانا كعامل إيجابي في إدارة بعض الأزمات الخارجية لكنه يكون سلبياً عند التعامل مع الفتن الداخلية وذلك لأن التأخر في مواجهتها يؤدي إلى إتساع مساحة النار المشتعلة وزيادة أعداد الضحايا مما يصعب معه القضاء عليها , وخاصة إذا كان هناك تواطأً أو مصلحة مشتركة بين رياح الأزمات الخارجية ونيران الفتن الداخلية.
وختاماً أوجه نداءاً لكل أبناء الوطن المخلصين - وهم يشكلون الأغلبية وغيرهم شواذ كشذوذ مبادئهم - أقول لهم فيه :
ياأبناء بلاد التوحيد شمّروا عن ساعد الجد , كلٌّ في تخصصه وموقعه للحيلولة دون حدوث أي نوع من الخروقات الفكرية والتربوية والأمنية لحصن وطنكم العزيز.
وأحذرهم من السلبية والتواكل فإننا نمر بظروف إقليمية ودولية وداخلية صعبة , وزاد من صعوبتها وخطورتها وجود خفافيش الظلام الحاقدة على مصابيح الوطن والتي تسعى لإستبدالها بظلمة ماتحمله من مبادئ وأحقاد.
وليكن انطلاق الخيّرِين والمخلصين من أبناء الوطن مسلّحاً بعقيدتهم الاسلامية وإلتفافهم على قيادتهم التاريخية وصدورهم عن مرجعيتهم الشرعية للحفاظ على وحدة مجتمعهم وسلامة كل شبر من أرض وطنهم.
وهذه ثوابت الوطن في مواجهة تلكم التحديات والأخطار المهددة لبقاء وجوده
والله الموفق إلى سواء السبيل.
كتبه المتوكل على ربه القوي : أبوعبدالله عايد بن خليف السند الشمري
في السابع من ذي الحجة لعام 1434 ه
الأخطار المهدّدة لبناء بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية..وسبل صدّها
إن الدولة السعودية قامت بفضل من الله عز وجل ثم بجهود الأمراء من آل سعود.
وإن العلاقة المتينة والقوية بين مؤسس الدولة الأول الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- والعالم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- ساهمت في هذا الوجود للدولة السعودية.
وإن الناظر إلى تاريخ الدولة السعودية يجد أنها تأسست على هذه العلاقة , وبالتالي أثمرت هذا الانسجام والتوحد بين أبناء المملكة من جهة وقيادتهم من الجهة الأخرى.
وماتم من أمن وإستقرار داخلي كان منشأه الاعتصام بالكتاب والسنة وقوة الإلتفاف من قِبَلِ الرعية على ولاة أمرها وكذلك قوة الترابط بين ولاة الأمر بقسميهم الأمراء والعلماء.
فعوامل قوة وطننا هي :
وحدة العقيدة المتمثلة بعقيدة أهل السنة والجماعة ووحدة المرجعية الشرعية بتحكيم الشريعة الاسلامية والتمسك بالبيعة الشرعية لولاة الأمر من آل سعود وفقهم الله لمرضاته بتحكيم شرعه.
فهذه العوامل تعتبر ثوابت وأسس لبناء وطننا العزيز مما أثمر من التمسك بها وحدة المجتمع واستقراره سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
وبالتالي قوة هذا البناء على مواجهة التحديات الخارجية بمختلف قدراتها وتوجهاتها وأهدافها ووسائلها لتحقيق هذه الأهداف , تنبني على بقاء هذه العوامل القوية.
ولاشك أن الجبهة الداخلية لبلادنا تنطلق لضمان تماسكها وقوتها من قوة التزامها بتحكيم الشريعة الاسلامية وحفاظها على قوة ثوابتها. وبتحقق قوة البناء الداخلي يصمد الوطن أمام الأخطار الخارجية.
إن التناصح المنطلق من الشعور بالمسؤولية والحرص على وحدة الوطن والحفاظ على عوامل بناءه يثمر إصلاحاً بنّاء ساهم في قوة وتماسك الجبهة الداخلية ويعطي الجبهة الخارجية القدرة على المواجهة الفعالة بعد أن ضمنت سلامة مصدر قوتها المتمثل بالجبهة الداخلية.
ولذلك يسعى الأعداء لإضعاف الجبهات الخارجية للدول والحد من قدرتها على المناورة وتحصيل مصالحها بإختراق الجبهة الداخلية والعمل على تفكيكها بعد القضاء أو الإضعاف لعوامل قوتها.
ولايمكن لأي قوى خارجية أن تقوم بهذا الاختراق إلا إذا أًوجَدَتْ أو وُجِدَت شخصيات أو جماعات ذات نزعة تدميرية للبناء الداخلي للأمة.
ولايمكن وجود سواعد مستعدة لحمل معاول الهدم لبناء أمتها إلا إذا كانت ثمة عقول قد تلوثت بأفكار ذات عقائد معادية لما تقوم عليه قوة بناء الجبهة الداخلية.
ولذلك سعى الأعداء على مختلف مشاربهم وتنوع أسباب عداوتهم إلى إيجاد مثل هذا النوع من العقول ذات النزعة التخريبية في بناء الأمة. ومما يُشترط في هذه العقول أن تكون محلية عند البروز والظهور وإن كانت الأصول التي إستمدت منها الفكر التدميري مستوردة , وذلك لكي تأخذ الأفكار التدميرية بعداً محلياً.
والواجب وفق هذه المنظومة المعادية أن تكون العقول المحلية في بداية أمرها ذات طابع تربوي إنتاجي غير مُظهر لعداوته في بداية نشره لهذه الخلايا السرطانية في أدمغة المتلقين من أبناء الوطن الذين خدعتهم ما تتمتع به هذه المجموعة من قدرة على تزييف الحقائق , وتغليف أسلحتها التدميرية بغلاف الإصلاح , أو الحمية الدينية المنسوبة للإسلام زوراً , وإنما هي حمية محدثة إستمدت أصولها من لَدُن ذي الخويصرة الخارجي .
وهكذا عبر سلسلة من العمليات في جراحة الدماغ المفتوح إستطاعت هذه النابتة أن تشكك فئة من أبناء الوطن بثوابت قواهم الداخلية , وإعادة صياغة عقولهم وِفْق مخططات الفكر الغازي وجبهاته المتعددة.
وأخذت هذه العقول بعد خضوعها لعمليات إستغرقت زمناً تتعامل مع ثوابت وطنها وِفْق ماحملته من مستورد الأفكار المعادية لهذا الوطن.
وإنقسمت هذه العقول المبرمجة للتدمير في طرق تدميرها لبناء وطنها بحسب مادة كل جبهة وطبيعة عداوتها.
فعقل (تنظيم القاعدة) بُرمِج عل أن يكون أصابع من الديناميت يتم زراعته في أحشاء أمته فينفجر منهياً وجوده أولاً وفاتحاً ثغرة في جوف أمته لكي يتسلل غيره (الإخوان المسلمون ) ممن يشاركه في أصل البرمجة ويخالفه في الطريقة والتوقيت بالإستفادة من هذه الثغرة والعمل على تدمير ما سَلِم من الأحشاء بطريقة تحمل طابع المكر والخديعة وتوظيف الحدث لصالح برمجة الأستاذ دون التلميذ مع إظهار التألم وذرف دموع التماسيح لفعل فاتح التجويف لا للمتلاعب بالأحشاء والعامل على إتلافها.
وقسم (الليبراليون) وجد من صنيع القسمين الأوليين أرضية لطرح وجوده الذي لايتم إلا بأن يتخلى الوطن عن هويته الإسلامية وتحكيمه للكتاب والسنة .
وقسم آخر ( الصفويون ) وجد الفرصة سانحة للإستفادة من هذه الفوضى التي أحدثتها الأقسام الثلاثة وخاصة القسم الليبرالي لكي يطرح وجوده السياسي وتكتله الحزبي في المحيط الديمقراطي التعددي الذي ينادي به الليبراليون وحلفاؤهم في المرحلة من الإخوان المسلمين.
وهنا تتضح خطورة سعي خصوم بلاد الحرمين بالمطالبة لتطبيق الملكية الدستورية كنظام للحكم والذي أجمعت بالمطالبة به خصوم الدولة السعودية من دول غربية في الخارج أوالأحزاب السياسية التي يتضمنها التحالف المرحلي لليبراليين والصفويين والإخوان المسلمين.
وقسم آخر(القوميون) أخذ يغني على ليلاه في تاريخها الغابر فلقد حان عنده وقت التشفي.
وكل مطلع على الأصول العقدية التي بنيت عليها الأقسام السابقة وفكرها السياسي يجد أنّ لديها مشروعا لقيام دولة لايمكن لها الوجود إلا على أنقاض بلاد التوحيد والسنة بلاد الحرمين البناء الشامخ المملكة العربية السعودية حفظها الله عزوجل من كيد الأعداء.
ولقد تحالفت بعض هذه الأقسام لوجود قاسم يحمل مصلحة مشتركة بينها فدعت لفتح باب حرية الرأي دون ضابط أو قيد من قِبَل الثوابت التي تم بناء الوطن عليها.
ومن خلال طرح هذه المقدمة ذات الطابع الفوضوي يتسنى لهم الولوج إلى مقدمة ثانية يطرح من خلالها التعدد الفكري الذي لاينشأ في فراغ وإنما وفق واقع التعددية الحزبية والتي بدورها تعتبر علّة لمعلول لاينفك عنها وهو مبدأ التعددية السياسية.
مما ينتج عنه إدخال ثوابت بناء الوطن وأسس قوته وشموخه في دائرة من الزلازل الممزقة لوحدة الوطن والعاملة على تصديع بناءه.
ولذلك لابد من معرفة المخرج الآمن من الأزمات التي تواجه الوطن داخلياًّ وخارجياًّ , وعدم الإغترار بجمال مداخل المقترحات وزخارفها دون النظر إلى النتائج وعواقبها.
فإن الثعالب لايُغتر بنصحها عند إظهار ضعفها وتماوتها.
والأفاعي لايعني سلخها لجلودها أنها تخلت عن أنيابها وسمها.
وتلون الحرباء ليس بدليل على تغير فكرها وشخصها.
ومما هو معلوم فإن ثمة تفاوت بين الخطاب الخارجي والخطاب الداخلي.
فالأول تمليه سياسة الظروف الراهنة وتحصيل المصالح المشتركة والقدرة على إدارة المفاوضات لتحصيل المصالح لكيان الوطن مما يؤدي إلى بقاء ثوابته الداخلية وإستقراره وشموخ بناءه.
والناظر إلى سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين من بعده يتأكد عنده صفة الخطاب الخارجي وما تضمنه من معاهدات أمنية وشراكات إقتصادية ذات مصالح مشتركة لاتتعارض مع ثوابت الدين الإسلامي بل تساعد على بقاءها وحمايتها والحفاظ عليها.
ومما قررته الشريعة الإسلامية وجوب إلتزام الجبهة الداخلية بالمعاهدات التي تم الإتفاق عليها مع القوى الخارجية من قِبَل ولي الأمر مما يحقق المصالح للمسلمين ويدرأ عنهم المفاسد قال - صلى الله عليه وسلم- (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) رواه البخاري.
وفي معاهدات النبي - صلى الله عليه وسلم- وماقام به من صلح الحديبية خير مثال لما مضى تقريره.
ولذلك يجب الحذر من أمرين في هذا الجانب:-
الأول: تمرد الجبهة الداخلية على ماتم إبرامه من معاهدات وعقود من خلال الجبهة الخارجية.
الثاني: الخلط بين ثوابت الجبهة الداخلية ومصادر قوتها وتماسكها ومتغيرات السياسة الخارجية وطبيعة معاهداتها لمواجهة التحديات.
فإن مايحدث من معاهدات خارجية لم يتم إلا للحفاظ على ثوابت الأمة الداخلية.
وللأسف الشديد أن وجود عقول تعمل وِفْق برمجة العدو الخارجي أدى إلى إنشاء خلايا فكرية ذات واقع عملي تربوي تحرص على إستغلال الأزمات الخارجية في طرح مامن شأنه الإضرار بثوابت الوطن والعمل على إضعاف قدرة الخطاب الخارجي عند تعامله مع الأزمات الإقليمية والدولية المهددة لإستقرار البلاد.
ولذلك تجد أن الصفة المشتركة لهذه الخلايا السرطانية ذات الأفكار العدائية , أنها لاتنشط إلا عند تعرض الوطن لأخطار خارجية تعمل على إنشغال قادته والغيورين من أبناءه في مواجهة المشاكل ذات الطابع الإقليمي والدولي المهددة لأمن الوطن ومصادره الإقتصادية.
فيكون حال هؤلاء المندسين وسط جنود الوطن كحال الطاعنين في الظهور عند إنشغال الصدور.
ومما يكشف مدى خطورة هذه الخلايا المزروعة في جسد الوطن قيامها بأفعال تثير الفتن الداخلية وتستغل الأزمات الخارجية وتُوجِد حالة من العداوة مع الآخرين لكي يتحقق لها إيجاد مصادر تعمل على تهديد ثوابت الوطن لكي تجد فرصة تسمح لها بالخروج إلى السطح حتى تمارس أعمال الهدم في بناء الوطن الشامخ. وفق عملية ذات مراحل تم وضع أساسها تحت الأرض وحان وقت ظهورها في العلن.
ولكننا نجد ثمة فرق وإتفاق في التعامل مع الأخطار الخارجية والداخلية , فأما الإتفاق فإن الإلتزام بثوابت الوطن تشترك فيه المواجهة لكل من الخطرين , وأما الفرق فإن عواصف الأزمات الخارجية تتطلب قوة التماسك ومقدرة على المناورة في المواجهة لحين مرورها وإنتهاء تأثيرها , وأما نيران الأزمات والفتن الداخلية فإنها تتطلب التكاتف من القوى الوطنية والسرعة في إخمادها والقضاء على أسباب إشتعالها.
فعنصر الوقت قد ينفع أحيانا كعامل إيجابي في إدارة بعض الأزمات الخارجية لكنه يكون سلبياً عند التعامل مع الفتن الداخلية وذلك لأن التأخر في مواجهتها يؤدي إلى إتساع مساحة النار المشتعلة وزيادة أعداد الضحايا مما يصعب معه القضاء عليها , وخاصة إذا كان هناك تواطأً أو مصلحة مشتركة بين رياح الأزمات الخارجية ونيران الفتن الداخلية.
وختاماً أوجه نداءاً لكل أبناء الوطن المخلصين - وهم يشكلون الأغلبية وغيرهم شواذ كشذوذ مبادئهم - أقول لهم فيه :
ياأبناء بلاد التوحيد شمّروا عن ساعد الجد , كلٌّ في تخصصه وموقعه للحيلولة دون حدوث أي نوع من الخروقات الفكرية والتربوية والأمنية لحصن وطنكم العزيز.
وأحذرهم من السلبية والتواكل فإننا نمر بظروف إقليمية ودولية وداخلية صعبة , وزاد من صعوبتها وخطورتها وجود خفافيش الظلام الحاقدة على مصابيح الوطن والتي تسعى لإستبدالها بظلمة ماتحمله من مبادئ وأحقاد.
وليكن انطلاق الخيّرِين والمخلصين من أبناء الوطن مسلّحاً بعقيدتهم الاسلامية وإلتفافهم على قيادتهم التاريخية وصدورهم عن مرجعيتهم الشرعية للحفاظ على وحدة مجتمعهم وسلامة كل شبر من أرض وطنهم.
وهذه ثوابت الوطن في مواجهة تلكم التحديات والأخطار المهددة لبقاء وجوده
والله الموفق إلى سواء السبيل.
كتبه المتوكل على ربه القوي : أبوعبدالله عايد بن خليف السند الشمري
في السابع من ذي الحجة لعام 1434 ه