الاثنين، 13 يناير 2014

العداء التاريخي لتنظيم الإخوان المسلمين لبلاد الحرمين السعودية وإحباط الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله لمخططهم للثورة..ثأر قديم يقود حراكهم الثوري المعاصر


                                              بسم الله الرحمن الرحيم  
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله  أمابعد :
رحم الله الملك عبدالعزيز آل سعود رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .
لقد قام الإمام عبدالعزيز رحمه الله بتوفيق من الله تعالى بتوحيد بلاد الحرمين الشريفين بعد التفرق ، وبنشر الأمن فيها بعد الخوف ، وبتيسير سبل الرزق والعيش فيها بعد الفقر والجوع . كل ذلك بفضل من الله عزوجل.
توقفت الحروب ، وانطفأت نار الفتن ، وحل السلام في الجزيرة العربية.
وصلت الأرحام  المقطوعة ، وعادت الحقوق المسلوبة ، وحفظت الأنفس المعصومة .
فالحمد لله والمنة.
والأهم من هذا كله فبفضل من الله عزوجل  حكمت الشريعة الاسلامية ، وارتفع لواء التوحيد والسنة.
وانتشرت السنن واندثرت البدع ، وفتحت المدارس والمعاهد لنشر العلم الشرعي والمفيد والمشروع من العلوم الدنيوية.
دولة اسلامية في مواجهة علمانية شرقية وغربية.
دولة اسلامية في تحد لما عليه الأمم من شيوعية اشتراكية وليبرالية رأسمالية.
إنها البناء الشامخ المملكة العربية السعودية..
فتحالف الأعداء وتكالبوا وتواصوا فيما بينهم للنيل منها قديما وحديثا..
أهل الكفر لهم جبهاتهم ، وأهل البدع لهم خياناتهم.
لتتضح معالم شموخ بلاد الموحدين والسنة..
ولتتجلى أروع صور البطولات في ساحات الصدام بين شموخ القمم وسفل الرمم .
كانت انتصارات الموحدين تزيد من فرح المحبين وتغيض كل الحاقدين..
ومن هؤلاء الحاقدين تنظيم الإخوان المسلمين الذي ناصب السعودية العداء منذ تأسيسها.
يدفعه لذلك حقد المبتدعين وأجندة الكافرين .
حمل تنظيم الإخوان المسلمين على عاتقه النظم الغربية في الحكم من ديمقراطية وليبرالية سياسية ليبشر بها على أنها المخلصة للإنسانية مستوردا لها من نتن مستنقعات الغرب وموردا لها كسمسار عميل يروج لبضائع الغربيين في باب السياسة والحكم في أسواق المسلمين .
ويحمله موروث من حقد القبوريين وأهل الكلام والخوارج للحماسة في العداء لبلاد التوحيد والسنة .
فخيانة الأنذال لبلاد الحرمين ألبسوها لباس الثورة لتحقيق الحرية المعدة أصولها وصور تطبيقاتها في البلاد الغربية.

وفيما يلي سنستعرض من أرشيف الخيانة لتنظيم الإخوان المسلمين من مصادرهم الموثوقة وكتبهم المعتمدة مايكشف للمسلمين عامة ولأهل بلاد الحرمين السعودية خاصة خطورة هذا التنظيم على الإسلام والمسلمين.
ولكن في مقابل مخططات الثوريين من الإخوان المسلمين كان يقف شموخ الملك عبدالعزيز والسعوديين .
 فمحمود عبدالحليم العضو المؤسس لتنظيم الإخوان المسلمين والمبايع للمرشد حسن البنا الرأس المدبر لفتنة هذه النبتة المسمومة في كتابه ( الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) : 1 / 446
يتحدث  بإسهاب حول احباط الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى للمخطط الثوري لتنظيم الإخوان المسلمين الذي كان يريد الإبتداء في اليمن ليثني بالسعودية لتحكيم الديمقراطية الغربية متخذا المثال الذي يحتذى مأخوذا  من الثورة الفرنسية.
فإليك أيها القارئ الرواية الإخوانية حيث يقول فيها مؤرخ تنظيم الإخوان مايلي:

((   اتصال الإخوان باليمن :
    كان أول اتصال للإخوان باليمن عند انعقاد المؤتمر البرلماني العالمي لقضية فلسطين سنة 1938 وقرر المؤتمر إيفاد وفد عربي لحضور مؤتمر المائدة المستديرة في لندن فأوفدت المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن عبد العزيز وأوفدت اليمن اثنين من أبناء الإمام يحيي حميد الدين هما علي ما أذكر سيف الإسلام أحمد وسيف الإسلام عبد الله .. وحضر الأمراء الثلاثة إلي القاهرة وأوفد المركز العام للإخوان مع السيوف الأخ محمود أبو السعود ليكون سكرتيرًا لهما أو مترجمًا لإجادته اللغة الانجليزية ، ولما رجع من هذه الرحلة روي لنا العجب العجاب من أمر هذين السيفين وجهلهما بالحياة حتى إنه خجل من وجودهما في مثل هذا المؤتمر . وكان الاتصال الثاني في أثناء الجلسات التمهيدية لإنشاء جامعة الدول العربية ، وقد أشرت من قبل إلي إيفاد اليمن القاضي حسين الكبسي لحضور هذه الجلسات علي أن يكون مستمعًا دون أن يشترك في المناقشات .. وفي خلال هذه الاجتماعات تفتحت عينا هذا القاضي – وكان رجلاً ذكيًا – ومن معه من اليمنيين علي الحياة وتمنوا لو أن بلادهم أخذت بنصيب منها . كما أن أفرادًا من شباب اليمن الذين وفدوا إلي القاهرة لتلقي دراسة بالأزهر اتصلوا بالإخوان فنبه هذا الاتصال مشاعر فيهم كانت خامدة وفهموا من الإسلام مالم يكونوا يفهمون فاستقر في وعيهم أن بلادهم في أمس الحاجة إلي إصلاح يتناول جميع شئونها وكل مرافقها ... ولكن كيف يتم مثل هذا الإصلاح والأئمة مسيطرون ؟..
  دوافع القيام بالثورة :
    لم يكن القيام بالثورة في اليمن ضد الحكم الإمامي الغاشم أمرًا غريبًا ، فإن المظالم التي كانت ترزخ تحتها اليمن كانت أضعاف المظالم التي قامت من أجلها الثورة الفرنسية .. أما أن الثورة بتدبير الإخوان المسلمين أو قامت بتدبير الفئة المثقفة من أهل اليمن أو قامت بتضامن الجهتين معًا ؛ فأمر لا يعني الذين يبحثون عن الأسباب الداعية للثورة وهل هي جديرة بالتقدير أم هي أسباب مفتعلة لا أساس لها من الواقع . وعلي كل حال فإن مبلغ علمي أن الإخوان منذ عرفتهم كانوا يتمنون أن يتخلص اليمن من حكم " الأئمة " حتى تدب في أوصاله الحياة .. ولست أدعي أنني كنت مشاركًا في تدبير هذه الثورة فلقد كنت في تلك الأثناء بعيدًا عن القاهرة ، ولكنني أستطيع أن أقرر أن فكرة إعداد الشعب اليمني للثورة قد نبتت في المركز العام ؛ أما تفاصيلها وخطوطها فلا أعتقد أن المركز العام قد تدخل في رسمها .
  الفضيل الورتلاني وعبد الحكيم عابدين :
    عند تناول ثورة اليمن بالتسجيل نجد أنفسنا أمام شخصيتين من غير اليمنيين كانا قطبي روحي هذه الثورة هما " الفضيل الورتلاني وعبد الحكيم عابدين " . وأولهما كان إذ ذاك شابًا جزائريًا من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلي مصر واتصل بالإخوان وكان كثير التردد علي المركز العام حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحررية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي .. وكان الفضيل لماع الذكاء ، سريع الحركة كثير المعارف ، لا يقتصر تحركه علي ما يخص موطنه الأصلي – الجزائر – بل كان يري العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه ... وأعتقد أن الفضيل كان أول من سافر إلي اليمن وأسس هناك شركة للتجارة . أما عبد الحكيم عابدين فإنه سافر إلي اليمن بعد ذلك وكان سفره تلبية لطلب حكومة الثورة التي ألفت برئاسة القاضي عبد الله بن أحمد الوزير .
  تطور الأمور في هذه الثورة :
    1 – تلقت جريدة الأهرام في 15 يناير سنة 1948 برقية من عدن من سيف الإسلام الأمير إبراهيم نجل الإمام يحيي ينعي فيها والده ويعلن نبأ إنشاء حكومة دستورية في بلاد اليمن وعلي رأسها السيد عبد الله بن أحمد الوزير . وقد وقع البرقية بصفته " رئيس مجلس الشورى في الحكومة الجديدة " .
    وسيف الإسلام إبراهيم هو النجل الثامن للإمام اليمني يحيي وهو شاب في الثلاثين إذ ذاك عرف بتمرده علي والده مما أدي إلي سجنه مرتين ، وقد لجأ إلي عدن حيث التف حوله لفيف من اليمنيين وألقوا " جمعية الأحرار اليمنية الكبرى " واتخذ لنفسه لقب " سيف الحق " بدلا من " سيف الإسلام " . كما تلقي عبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية من السيد حسين الكبسي برقية بعد ذلك بثلاثة أيام هذا نصها :
    " مات الإمام يحيي ونودي بالوزير إمامًا " وأرسل السيد الفضيل الورتلاني برقية من صنعاء إلي بعض الدوائر العربية في القاهرة مؤداها أن الإمام يحيي اغتيل هو وثلاثة من الأمراء ورئيس الحكومة اليمنية .
    2 – أرسل السيد حسين الكبسي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في حكومة الثورة معربًا عن استعداده للاسترشاد بآراء دول الجامعة العربية في حدود ميثاقها ، ثم أرسل إلي عبد الرحمن عزام برقية فيها إلي زيارة اليمن حيث يشاهد " بناء جديدًا علي قواعد جديدة تصنعها حكومة ديمقراطية في ظل ملك ديمقراطي " وسأل مندوب جريدة الأهرام السيد عبد الرحمن عزام هل يسافر إجابة لهذه الدعوة ؟ فقال إنه لا يتأخر عن السفر إذا تطلبت المصلحة ذلك .. كما استطلع مندوب الأهرام رأي عربي كبير مسئول في موقف المملكة العربية السعودية إزاء اليمن بعد الحوادث الأخيرة فقال : " إن موقف جلالة الملك آل سعود هو موقف الجامعة العربية بل تأييد لها " .
    3 – أذاعت وكالة الأنباء العربية من عدن : " لم يكد يذاع في صنعاء رسميًا أن السيد عبد الله بن أحمد الوزير نودي به ملكًا دستوريًا علي اليمن حتى احتشد نحو عشرة آلاف من الخلق لتحيته خارج قصر غمدان في صنعاء . وصرح السيد محمد نعمان الذي كان يتزعم في المنفي " جمعية اليمن الكبرى " قبل هرب الأمير إبراهيم ، والذي صار وزيرًا للزراعة في وزارة الثورة بأن ثلاثة من أبناء الإمام يحيي وهم الأمراء سيف الإسلام إسماعيل ويحيي ولا أذكر الثالث قد اعترفوا بالملك الجديد فعينوا في وظائف كبيرة من وظائف الدولة .
    4 – سيف الإسلام أحمد أكبر أبناء الإمام يحيي والمطالب بعرض أبيه غادر مقره في " تعز " والتجأ إلي قبائل الشمال يؤلبهم علي الحكومة الجديدة .. وترسل الحكومة الجديدة إلي الملك عبد العزيز آل سعود تطلب إليه تزويدها بطائرات لمقاومة سيف الإسلام أحمد فيبلغ الملك عبد العزيز الجامعة العربية بأنه لن يجيب هذا الطلب حتى يتبين له رأي الجامعة .
    5 – توالت برقيات من وزير الخارجية الحكومة الجديدة تستعجل وتستنجز حضور وفد الجامعة برياسة الأمين العام ولكن الأمين العام أخذ يتلكأ فلم يعلن عن تكوين الوفد إلا في 24 فبراير مكونًا من الأمير السعودي حاكم جدة وعبد الرحمن عزام وعبد الوهاب عزام سفير مصر في السعودية وحيدر مردم وزير سوريا في جدة وعبد الجليل الراوي وزير العراق في القاهرة وتقي الدين الصلح سفير لبنان في القاهرة وسعيد المفتي وزير داخلية شرق الأردن وتقرر سفرهم يوم 26 فبراير .
    6 – في خلال هذه الفترة استطاع سيف الإسلام أحمد أن يضلل سكان حجة والحديدة وكون منهم جيشًا وبعث إلي الجامعة يطلب التحكيم وقد استجابت الجامعة لطلب أحمد وأرسلت برقية إلي الحكومة اليمنية وإلي أحمد تطلب منهما إيقاف القتال حتى نصل بعثة الجامعة . ثم اجتمعت اللجنة بالنقراشي ثم قصد عزام إلي منزله حيث وافاه في الساعة الرابعة إبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكي ودام اجتماعهما وقتًا طويلاً ؛ وتقرر أن يرافق الوفد الدكتور حسين حسني السكرتير الخاص للملك ممثلا الحكومة المصرية .
    وقرر الوفد السفر إلي اليمن " بحرًا " من بورسعيد يوم 28 فبراير إلي جدة حيث ينضم إليه المندوب السعودي ثم يواصل السفر (بحرًا) إلي الحديدة حيث يستقل الوفد السيارات إلي صنعاء ويستغرق قطع المسافة بين الحديدة وصنعاء بالسيارة يومين وبعض اليوم .
    7 – في الوقت الذي كانت تتوالي برقيات الحكومة الجديدة تستحث وفد الجامعة كان الإخوان علي اتصال مستمر بعبد الرحمن عزام يستحثونه من جانبهم ولكن دون جدوى وكان الإخوان يريدون قيام وفد منهم بالسفر إلي اليمن لتعزيز مركز الحكومة الجديدة ، ولكنهم رأوا أن يعملوا جاهدين علي قيام وفد الجامعة لأن وجوده في اليمن فيه كل التعزيز .. فلما وصلوا أخيرا إلي تحديد ميعاد لسفر هذا الوفد ، قام الإخوان باستئجار طائرة خاصة أقلتهم ومعهم مندوبو نقابة الصحفيين المصريين ومعهم أيضًا مكبرات للصوت لمخاطبة القبائل والجماهير ، ويلاحظ أن الضجر من هذا التلكؤ وصل بالحكومة إلي الحد الذي هددت فيه بالالتجاء إلي الأجانب لتقاعس الدول العربية .
    8 – وصلت الطوافة فاروق مقلة وفد الجامعة إلي جدة وقد غادرتها إلي بورسودان للتزود بالمؤن اللازمة استعدادًا لرحلتها إلي صنعاء حيث قرر الوفد السفر إلي صنعاء عن طريق البحر أيضًا لردأة الجو ولما وصل الوفد إلي جدة سافر إلي الرياض لمقابلة الملك عبد العزيز الذي أعرب لهم عن استيائه الشديد لمصرع الإمام يحيي .. وتمت هذه المقابلة يوم 4 مارس سنة 1948 .
    9 – وصلت إلي جدة بعثة الإمام الوزير إلي الملك عبد العزيز لمقابلته ومقابلة وفد الجامعة ، ويتألف الوفد السيد أحمد بن عبد الله الوزير نجل الإمام والفضيل الورتلاني مدير الشركة المصرية اليمنية والقاضي محمد محمود الزبيري وزير المعارف وقد أقلت هذا الوفد إلي جدة الطائرة المصرية التي حملت الإخوان المسلمين إلي اليمن وقد استأنف أعضاء هذا الوفد سفرهم بسرعة إلي الرياض وقد طلب ابن الوزير من الملك عبد العزيز طائرات ودبابات وجاء في البرقية :
    " ويسعدنا أن تشرفوا جلالتكم بنفسكم لتحكموا علي الحقيقة عن مشاهدة أو ترسلوا من تثقون به " .
    وقد سأل أحد الصحفيين الوفد اليمني : كيف تقولون إن حبل الأمن مضطرب في البلاد مع أن راديو صنعاء وحكومتها يقولون غير هذا ؟ فكان الجواب أن صنعاء ذاتها في أمن وطمأنينة ولكن الاضطراب والفوضى يتسع مداها علي الأيام ؛ لا اختلافًا علي الحكم ومن يتولاه ولكن لمجرد السلب والنهب وإطلاق العواطف والنوازع التي ظلت مكبوتة عشرات السنين .
    ويبدو أن سيف الإسلام أحمد قد استغل هذا الشعور في الشعب وجاراه في عواطفه ونوازعه وحثه علي التمادي في السلب والنهب ووعدهم إذا نصروه علي ابن الوزير أن يفتح لهم خزانة الدولة علي مصراعيها فانطلقوا كالذئاب الجائعة ، وقد دخل أحمد صنعاء علي رأس جيش من المحرومين هذه هي دوافعه وحوافزه وآماله .
   10- طال انتظار هذا الوفد لمقابلة الملك عبد العزيز حتى دخل سيف الإسلام أحمد صنعاء يوم 14 مارس فأرسل الملك عبد العزيز إلي هذا الوفد من يقول له : إن الملك يرفض مقابلتكم لأنه غير مستعد لاستقبال لصوص وقتلة .. وعاد عبد الرحمن عزام إلي القاهرة دون أن يدخل اليمن .
  تعليق علي هذه الأحداث :
    بدأت الثورة باغتيال الإمام يحيي ثم أعلن قيام حكومة جديدة برياسة القاضي عبد الله بن أحمد الوزير وكان من أكبر شخصيات اليمن ومن القلائل المنفتحين .. وقد بايعه بالإمامة أهل الحل والعقد في اليمن كما ينص علي ذلك دستور البلاد فإن هذا الدستور الذي هو من وضع الإمام يحيي وأسلافه لا يقرأن أن تكون الإمامة وراثية بل تكون لمن يبايعه أهل الحل والعقد .. وبذلك لم يكن عبد الله بن أحمد الوزير دخيلا علي الإمامة ولا مغتصبًا إياها من أحد .. ومن وزراء هذه الحكومة القاضي حسين الكبسي الذي كان أول مندوب لليمن في الجامعة العربية . والقاضي محمد محمود الزبيري من أعظم أدباء اليمن وشعرائها . وقد سيطرت هذه الحكومة علي البلاد تمام السيطرة وألقت القبض علي " السيوف " وهم أبناء الإمام يحيي . ويحسن ظن أرسلت إلي الجامعة العربية تطلب إليها إرسال وفد برياسة أمينها العام ليري نفسه استقرار الأمور وليسهم بالمشورة في وسائل الإصلاح في مختلف المرافق وقام المركز العام للإخوان من ناحيته الجامعة العربية علي إجابة طلب الحكومة اليمنية .
    وتلكأت الجامعة العربية في إيفاد وفدها تلكؤًا لفت أنظار العالم كله ، ولم يكن لهذا التلكؤ المقصود من معني سوي أنه محاولة لإحباط هذه الثورة ، وبعد كل هذا التلكؤ قام الوفد ولم يتوجه إلي اليمن مباشرة كما كان ينتظر بل اتجه إلي السعودية ومكث في السعودية أيامًا تلقي نصائح العاهل السعودي الذي قد لا يسعده أن يقوم حكم في جارته المتاخمة له يضرب بنظام الوراثة والأسر المالكة عرض الحائط ويختار الأصلح غير عابئ بالأسرة التي ينتمي إليها .. ثم أفل وفد الجامعة راجعًا إلي مصر دون أن يدخل اليمن .. فكأنما كان موكولا إليه تمثيل دور معين رسم له وقد أتقن تمثيله فلما تم الدور دلف إلي مكانه وراء الكواليس . وقد فهم الإخوان المغزى من الحركات المريبة التي كانت تجري علي المسرح ، فهذا التلكؤ الذي لفت الأنظار وافتضح أمره حين أرادوا أن يتظاهروا بالخروج من دائرته المفرغة واضطروا إلي تحديد موعد السفر ، سبق هذا السفر حركات تشبه المؤامرة ونذكر منها :
    أولاً : مقابلة الأمين العام للنقراشي صباحًا يعقبها في المساء وفي منزل الأمين العام مقابلة لإبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكي وتدوم المقابلة وقتًا طويلاً .
    ثانيًا : يضاف إلي الوفد السكرتير الخاص للملك فاروق علي أن يكون ممثلا للحكومة المصرية .
    ثالثًا : في 26 فبراير أي بعد نحو شهر ونصف من قيام الثورة ببرق السيد المؤيد مندوب اليمن في الجامعة العربية إلي سيف الإسلام أحمد بأن الملك فاروق يعزيه في والده .
    رابعًا : يقرر الوفد أن يكون السفر عن طريق البحر وهذا وحده كان أن يكون دليلا علي أن المقصود هو إضاعة الوقت وإلا فهل تعجز الجامعة العربية عن استئجار طائرة كالتي استأجرها الإخوان ؟.
    خامسًا : أن تخصص للوفد الطوافة فاروق حتى يشعر الوفد أنه كنف الملك .
    سادسًا : يعدل الوفد عن خطته التي أعلن عنها فلا يقوم من جدة مباشرة إلي اليمن بل يتجه إلي الرياض في ضيافة الملك عبد العزيز .
    هذا ولقد عالجت موضوع ثورة اليمن بطريقة لم تمس بواطن الأمور في تفاصيلها وأسرارها تاركًا ذلك لمن عانوها واصطلوا بنارها وقد سمعت من الأخ الأستاذ عبد الحكيم عابدين بعد رجوعه من اليمن شيئًا من هذه التفاصيل والأسرار ، ولكنني أوثر أن يناقش هو بنفسه هذه التفاصيل وهذه الأسرار لأن البيئة والظروف التي وقعت فيها هذه الأحداث لا أحسها أنا كما يحسها إنسان عاش فيها وتلبث بها .
  آثار هذه الثورة :
    كان لهذه الثورة آثار علي المستوي المصري وأخري علي المستوي العربي وثالثة علي المستوي العالمي ... أما علي المستوي المصري فإنها ألقت من روع القائمين علي الحكم في مصر أن هذه الثورة نذير لهم بين يدي عذاب شديد ؛ فليلقوا بثقلهم أولا لإحباطها ثم ليعدوا العدة للقضاء علي مدبريها وهم الإخوان المسلمون الذين بلغوا أشدهم حتى إنهم يقيمون الدول ويسقطونها . فوجد فاروق في مصر تجاوبًا لأحاسيسه عند عبد العزيز آل سعود في السعودية وقد قربت ما بينهما وأنستهما الخلافات التي كانت بينهما ظنًا منهما أن الثورة كانت ضد الملكية مع أن ابن الوزير قد بايعه العلماء ملكًا . وأما علي المستوي العالمي فقد طمأن فشل الثورة قلوب الطاغوت الاستعماري المتمثل في أمريكا وانجلترا وفرنسا إلي أن العالم العربي لازال لقمة سائغة لهم ، كما أن الطاغوت وقد عرف العرق الوحيد الذي ينبض بالحياة في جسم العالم العربي هوالإخوان المسلمون .. إذن فلابد من خطة لاستئصال هذا العرق حتى يظل الجسم فاقدًا رشده مستكينًا لهم . وأما أثرها علي الإخوان فقد كانوا يتمنون أن تنجح الثورة ليكون للإسلام في هذا العالم دولة ولكن شاءت إرادة الله أن يتأخر تحقيق هذه الأمنية ، فأحس الإخوان بقوي الشر تتألب عليهم وتجمع شتاتها لتفترسهم .)) انتهى

قال أبوعبدالله : ففي مانقلناه من كتاب محمود عبدالحليم نجد مايلي :
أولا : مشروعية الخروج على الإمام المبايع كالإمام يحيى حاكم اليمن عند تنظيم الإخوان وهذه عقيدة الخوارج.

ثانيا: أن الخروج والثورة عند الإخوان تقتدي بالثورة الفرنسية وهذا ماينادي به تنظيم الإخوان المعاصر في رفعه لشعارات هذه الثورة من حرية وعدل ومساواة وفق المنظور الغربي  لهذه المصطلحات.

ثالثا: أن هذه الثورة من قبل تنظيم الإخوان وحلفائهم في اليمن في ذلك الوقت قامت  لتحكيم الديمقراطية الغربية كنظام للحكم. وهذا ماينادي به تنظيم الإخوان المعاصر وما قاموا بتطبيقه في مصر في فترة حكمهم وفي تونس وهوماجعلهم يتخذون  من تركيا ذات الدستور العلماني والنظام الديمقراطي والعضو في حلف شمال الأطلسي مرجعا لهم ومكانا آمنا لعقد مؤامراتهم.

رابعا: أن الدولة السعودية في عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله التي تحكم بالشريعة  الإسلامية كانت على جدول المخطط الثوري لتنظيم الإخوان المسلمين  للثورة فيها ليحكم  تنظيم الإخوان بالنظام الديمقراطي الغربي.

خامسا: تحقق بما لا لبس فيه وجود العداوة التاريخية لتنظيم الإخوان للدولة السعودية منذ تأسيسها وبالتالي كل مانشاهده في وقتنا المعاصر من اعلام معادي  وتحالفات معادية ونكتشفه من مؤامرات يقوم تنظيم الإخوان بالدورالرئيس فيها .

سادسا: من المستقر أنه لايمكن للدول الغربية المعادية  ولا لدولة الإخوان المسلمين المخطط لقيامها ولا للدولة الصفوية الايرانية القائمة النجاح  في  مشروعها  ضد دعوة التوحيد والسنة على مستوى العالم  إلا بثورة في السعودية على إثرها تقوم دولة تحكم بالنظم الديمقراطية الغربية وتقرر في دستورها التعددية السياسية الليبرالية وتعمل على فتح المجال للحرية  وفق المفهوم الغربي مما يؤدي ولابد لتنحية تحكيم الشريعة الإسلامية وإقصاء دعوة التوحيد والسنة .

ويحدثنا عباس السيسي المؤرخ المعتمد لتنظيم الإخوان المسلمين في كتابه: في قافلة الإخوان المسلمين عن الثورة التي دبرها الإخوان المسلمون مع حلفائهم في اليمن وهو من الرعيل الأول ممن عاصروا وبايعوا حسن البنا .كما في: 1 /206 - 207.
((  نكسة ثورة اليمن 
حينما بدأت ثورة اليمن بعد وفاة  الإمام يحيى حميد الدين واختير أحمد بن الوزير إماماً لليمن قام باعتقال جميع أبناء الإمام الراحل ، ولكن الفريق محمد باشا سري قائد الجيش اليمني الذي ساعد أحمد بن الوزير طلب منه قتل جميع أنجال الإمام ولكن أحمد بن الوزير رفض ذلك .
وحينما قام وفد الجامعة العربية برئاسة عبدالرحمن عزام باشا أمين الجامعة ومعالي الشيخ يوسف ياسين عن السعودية وغيرهم بطريق البحر من ميناء السويس لعبت دولة عربية دورا هاماً في تأخير وصول السفينة إلى ميناء الحديدة باليمن حتى مكنوا الأمراء أبناء الإمام الراحل من الهروب من السجون وقيادة القبائل في حرب ضد أحمد بن الوزير حتى تمكنوا من قتله واستولوا على زمام الحكم باليمن . وقد قرأت في جريدة أخبار اليوم الحوار الآتي:
جيء بالفريق محمد باشا سري قائد الجيش إلى المقصلة لينفذوا فيه حكم الإعدام ضربا بالسيف ، وقبل أن تضرب عنقه سأله مراسل الجريدة : هل سعادتكم نادم على ماحدث ؟
قال الفريق محمد سري: أنا نادم  فقد طلبت من أحمد بن الوزيرأن نقتل أبناء الإمام قبل أن يقتلونا، 
فقال أحمد بن الوزير: بل يجب أن نرحمهم.
فقلت له: لا رحمة في الحرية !!
ثم ضرب عنقه )) انتهى .

قال أبوعبدالله : لعله اتضح حقيقة حلفاء تنظيم الإخوان من أمثال الفريق محمد سري قائد الجيش اليمني الذي يستحل الدماء المعصومة باسم الحرية .
إنها حرية الثوريين  من الشيوعيين والإشتراكيين .

ويزيدنا العضو في تنظيم الإخوان  عبدالمتعال الجبري  بكشف دور حسن البنا المباشر في الثورة في اليمن وتخطيطه لها في كتابه : لماذا اغتيل الإمام الشهيد حسن البنا ؟ حقائق جديدة ووثائق خطيرة.
ففي ص : 129 - 130 يقول: (( لقد ذهب الأخ الإمام المجاهد العالم الجزائري " الفضيل الورتلاني " إلى بلاد اليمن ليعمل في شركات التنقيب عن النفط ، بينما كان أكثر ماينقب عنه هو القلوب المستعدة لغرس الإيمان الصحيح ، وتغذيتها برحيق القرآن والسنة ، فوجد وعي ديني . ويقظة تحررية تجسدت فيما يسمى " أحرار اليمن " .
وحضر إلى مصر وفد من هؤلاء الأحرار ليتعرفوا على دعوة الإخوان ومرشدهم ، وعرضوا على الإمام مافكروا فيه من خطة انقلاب، فرفض الإمام مقترحاتهم قائلاً: " إن الإمام يحيى مريض وقد بلغ أرذل العمر . فهو على حافة القبر. فالواجب أن تترقبوا ساعة إعلان  موته ، ثم بادروا بإعلان تشكيلكم الوزاري قبل تعيين ولي العهد، ولاتورطوا أنفسكم فيما لا تحمد عقباه ، ومادام من الممكن حقن الدماء فقد وجب هذا علينا.".
واستجاب أحرار اليمن لرأي الإمام البنا وتركوا للإخوان صورة للتشكيل الوزاري تذاع عند سماع أنباء وفاة الإمام الحميدي ليعلنونها بمجلتهم وصحيفتهم اليومية.
وشاء الله أن يعلن خبر وفاة الإمام يحيى  وأذيع التشكيل الوزاري الجديد فور إعلان نبأ الوفاة ، وكان القدر يختبئ وراء هذا الإعلان ، فقد دبت الروح في الإمام بعد ذلك ، لأن الكشف الطبي كان غير دقيق.
فلما رأى الأحرار أنهم مقتولون بسبب ماأذاعوه بادروا بالإجهاز على الإمام . وتولى عبدالله بن الوزير السلطة .
ونصحه الأستاذ البنا بأن يسرع بإطعام القبائل الجائعة حتى ولو بثريد في ماء البحر لكي يسكتهم عن الثورة عليه بسبب مقتل الإمام. ولكن شاء الله  أن تكون الأحداث أكبر من ابن الوزير . فقتل هو وقيادة الثورة لتسقي دماؤهم شجرة التحرير والمتاعب التي أعقبت ذلك ولاتزال .)) انتهى.

قال أبوعبد الله : حثهم حسن البنا على الثورة والخروج واللجوء للقتل في حال لم يتمكنوا من  تلافي ذلك ولم يمكن حقن الدماء ولذلك عندما قاموا بقتل الإمام يحيى انتقل حسن البنا إلى نصحهم بما يسكت الشعب اليمني عن القيام على الخوارج بسبب قتلهم لإمامهم الحاكم  السابق ومواجهتهم المسلحة مع  إمامهم الحالي الذي كان ولياً للعهد معين من قبل أبيه الإمام يحيى. 
ولعل التنسيق والتعاون المسبق بين الثوار وتنظيم الإخوان المسلمين واضح لا لبس فيه .
ويأتي دور الإعلام الذي يمتلكه تنظيم الإخوان في خدمة الثورة وبيانات الثوار والإعلان عن تشكيلهم لحكومتهم وتشويه صورة السلطات الحاكمة القائمة ونزع الشرعية عنها وشرعنة الثورة والخروج بالتحريف والتلبيس.

أسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين بلاد التوحيد والسنة المملكة العربية السعودية من كل مكروه وأن يرد كيد أعداء الكتاب والسنة في نحورهم وأن يعز سبحانه كل من به عز للإسلام والمسلمين.

كتبه المتوكل على ربه العزيز القوي / عايد بن خليف السند الشمري.
12 / ربيع الأول / 1435 ه